5 - وقيل: هو تقدم الإفراط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم" الحديث.
والقول الأول هو الراجح، إذ أن قوله تعالى {وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ}: " أمرٌ من الله تعالى ذكره عبادَه بتقديم الخير والصالح من الأعمال ليوم معادهم إلى ربهم، عُدّةً منهم ذلك لأنفسهم عند لقائه في موقف الحساب، فإنه قال تعالى ذكره: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} [سورة البقرة: 110 \ وسورة المزمل: 20] " (?). والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة: 223]، أي: اتخذوا وقاية من عذابه بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.
قال ابن عثيمين: " لما أمرنا بالتقديم لأنفسنا بالأعمال الصالحة أمرنا بالتقوى - وهي فعل أوامره -، واجتناب نواهيه" (?).
قال القرطبي: "أي فهو مجازيكم على البر والإثم. وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول: " إنكم ملاقو الله حفاة عراة مشاة غرلا" - ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ} (¬3). أخرجه مسلم بمعناه" (?).
قال القاسمي: " فلا تجترئوا على المعاصي" (?).
قال الصابوني: " أي خافوا الله باجتناب معاصيه، وأيقنوا بأن
مصيركم إليه فيجازيكم بأعمالكم" (?).
قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ} [البقرة: 223]، أي: "صائرون إليه فيجزيكم بأعمالكم" (?).
قال القاسمي: " صائرون إليه فاستعدوا للقائه" (?).
قال ابن عثيمين: " أي في يوم القيامة؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ .... } [الانشقاق: 6 - 7]، الآيات" (?).
قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 223]، أي "بشرهم بالفوز العظيم في جنات النعيم" (?)
قال القاسمي: " بالثواب. وإنما حذف لكونه كالمعلوم، فصار كقوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً} [الأحزاب: 47] " (?).
قال القرطبي: " تأنيس لفاعل البر ومبتغي سنن الهدى" (?).
قال ابن عثيمين: " أي أخبرهم بما يسرهم؛ و «المؤمن» هنا يتضمن المسلم؛ وعلى هذا فلا بد مع الإيمان من عمل صالح" (?).