وقد اختلف أهل التفسير في معنى {أَذًى} [البقرة: 222]، على أقوال متقاربة (?):
أحدها: أنه قَذَر. قاله السدي (?)، وقتادة (?).
قال القرطبي: " والأذى كناية عن القذر على الجملة. ويطلق على القول المكروه، ومنه قوله تعالى: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] أي بما تسمعه من المكروه. ومنه قوله تعالى: {وَدَعْ أَذَاهُمْ} [الأحزاب: 48] أي دع أذى المنافقين لا تجازهم إلا أن تؤمر فيهم، وفي الحديث: "وأميطوا عنه الأذى" (?) يعني بـ "الأذى" الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، يحلق عنه يوم أسبوعه، وهي العقيقة. وفي حديث الإيمان: "وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (?) أي تنحيته، يعني الشوك والحجر، وما أشبه ذلك مما يتأذى به المار. وقوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102] " (?).
الثاني: أنه دمٌ. قاله مجاهد (?).
قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، [البقرة: 222]، أي اجتنبوا؛ "جماع النساء ونكاحهن في محيضهنّ" (?).
قال القرطبي: " أي في زمن الحيض، إن حملت المحيض على المصدر، أو في محل الحيض إن حملته على الاسم. ومقصود هذا النهي ترك المجامعة" (?).
قال ابن كثير: "يعني [في] الفرج" (?).
قال القاسمي: " ولما كان الْإِنْسَان قد يتحمل الأذى ولا يراه محرماً، صرح بتحريمه بقوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء} " (?).
قال الصابوني: " أي اجتنبوا معاشرة النساء في حالة الحيض" (?).
قال ابن عثيمين: "والمراد بـ {الْمَحِيضِ} هنا مكان الحيض - وهو الفرج -؛ فهي ظرف مكان؛ أي لا تجامعوهن في فروجهن؛ لأنه مكان الحيض" (?).
قال ابن عباس: "يقول: اعتزلوا نكاحَ فُروجهنّ" (?).
قال القاسمي: " أي: فاجتنبوا مجامعتهن في زمنه " (?).
وقد اختلف العلماء في مباشرة الحائض وما يستباح منها، على أقوال (?):
أحدها: أن الواجبُ على الرجل، اعتزالُ جميع بدنها أن يباشره بشيء من بدنه.