والأرض نوّخها الإله طروقة ... للماء حتّى كلّ زند مسفد
والأرض معقلنا وكانت أمّنا ... فيها مقابرنا وفيها نولد
وأنشد أحمد بن عبيدة (?):
نأوي إلى أمّ لنا تعتصب ... كما ولها أنف عزيز وذنب
وحاجب ما إن نواريها الغصب ... من السحاب ترتدي وتنتقب
يعني: نصبه كما وصف لها. وسميت الفاتحة أمّا لهذه المعاني.
وقال الحسين بن الفضل: "سميت بذلك لأنها إمام لجميع القرآن تقرأ في كل صلاة وتقدم على كل سورة، كما أن أمّ القرى إمام لأهل الإسلام، وقال ابن كيسان: سميت بذلك لأنها تامة في الفضل" (?).
وقيل: أصالتها من حيث أنَّها محكمةٌ لم يتطرَّق إليها نسخٌ، من قوله تعالى: {مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}] آل عمران: 7] (?).
واختلف فيه أيضا، فجوزه الجمهور ومنهم الحسن الذي كره تسميتها بأمِّ الكتاب، وكرهه أنس وابن سيرين، والأحاديث الثابتة ترد هذين القولين (?).
وقد ورد تسميتُها بذلك في أحاديث كثيرة:
منها حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ صلاةٍ لا يُقرأ فيها بأمِّ القرآن فهي خِدَاجٌ" خرَّجه مُسْلِمٌ (?).
وخرَّج من حديث عُبادة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن" (?).
وقد فسَّرها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالفاتحة كما سيأتي ذكره، وذكر وكيع في "كتابه" عن سفيان عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود الأنصاريِّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ}] الحجر: 87 [قال: فاتحة الكتاب".
وممن قال (الفاتحة هي السبع المثاني): ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عمر والحسن ومجاهدٌ وعكرمةُ وخلقٌ كثيرٌ.
واختلف في سبب تسميتها بالمثاني على أقوال:
أحدها: إذ هي سبع آياتٍ اتِّفاقاً (?)، وليس في القرآن ما هو كذلك سواها (?)، إنْ غَيَّر بعضُهم عَدّ التَّسمية آية دون {صراط الذين أنعمتَ عليهم}، وبعضُهم عَكَس (?)، وهذا القول هو المشهور (?).