ووجه الاستشهاد هنا إعمال الرأي، وفقاً للمعنى اللغوي لقوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} فكان في اللغة ثلاثة معانٍ هي:
1 - خِلطه مسك (?).
2 - طعمه وريحه مسك (?).
3 - آخره يختم بمسك يجعل فيه (?).
وفي هذا المثال، وكل ما هو على شاكلته يمكن إعمال الرأي في اختيار أحد المعاني، ويمكن حمل اللفظ أو الجملة على جميع المعاني إن كانت اللغة والسياق يحتمله، والله الموفق.
وهو "التفسير الذي يُحَكِّم الاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها" (?)، ولعل الإمام الغزالي (?) أكثر من تحدث عن هذا النوع من التفسير بمعلومات عصره، وما حصل عليه من كتب الفلسفة، وأحياناً بلفتاتٍ تأمليه وفقاً للآيات، وعندما عقد أول مؤتمر للإعجاز العلمي في إسلام أباد عام 1987 م، عرف التفسير العلمي بأنه: "الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية" (?).
"والتفسير العلمي يختلف عن الإعجاز العلمي؛ لأن الإعجاز لا يكون إلا فيما تحقق ثبوته، ولذلك يعَرَّف الإعجاز بأنه: إخبار القرآن الكريم، أو السنة النبوية، بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيراً، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا يظهر اشتمال القرآن، أو الحديث على الحقيقة الكونية، التي يؤول إليها معنى الآية أو الحديث، ويشاهد الناس مصداقها في الكون، فيستقر عندها التفسير، ويعلم بها التأويل، كما قال تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 67]، وقد تتجلى مشاهد أخرى كونية عبر القرون، تزيد المعنى المستقر وضوحاً، وعمقاً، وشمولاً؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أوتى جوامع الكلم" (?).
وتكمن أهمية التفسير العلمي المتثبت من الحقائق التي أثبتها العلم التجريبي بالآتي:
أ- تفسير القرآن للمسلمين تفسيراً يشبع حاجتهم من الثقافة الكونية، ويغرس اليقين في قلوبهم بصدق ما أخبرهم به القرآن الكريم.
ب- إدراك وجوه جديدة للإعجاز في القرآن من ناحية ما يحويه أو يرمز إليه من علوم الكون والاجتماع.
ج- دفع مزاعم القائلين بأن هناك عداوة بين العلم والدين.