قال السدي: " ليس من عبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، فإن كان الذين يدعو به هو له رزق في الدنيا أعطاه إياه، وإن لم يكن له رزق في الدنيا، ذخره له إلى يوم القيامة، أو دفع، عنه به مكروها" (?).
وفي قوله تعالى: {أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ} [البقرة: 186]، تأويلان (?):
أحدهما: معناه أسمع دعوة الداعي إذا دعاني، فعبر عن السماع بالإجابة، لأن السماع مقدمة الإجابة.
والثاني: أنه أراد إجابة الداعي إلى ما سأل، ولا يخلو سؤال الداعي أن يكون موافقاً للمصلحة أو مخالفاً لها، فإن كان مخالفاً للمصلحة لم تجز الإجابة إليه، وإن كان موافقاً للمصلحة، فلا يخلو حال الداعي من أحد أمرين: إما أن يكون مستكملاً شروط الطلب أو مقصوراً فيها: فإن استكملها جازت إجابته، وفي وجوبها قولان (?):
أحدهما: أنها واجبة لأنها تجري مجرى ثواب الأعمال، لأن الدعاء عبادة ثوابها الإجابة.
والثاني: أنها غير واجبة لأنها رغبة وطلب، فصارت الإجابة إليها تفضلاً.
وإن كان مقصوراً في شروط الطلب لم تجب إجابته، وفي جوازها قولان (?):
أحدهما: لا تجوز، وهو قول من أوجبها مع استكمال شروطها.
والثاني: تجوز، وهو قول من لم يوجبها مع استكمال شروطها.
وفي قوله تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، قراءتان (?):
إحداهما: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعي إِذَا دَعَاني} بإثبات الياء فيهما في الوصل، وهي قراءة أهل المدينة غير قالون وأبو عمرو.
والثانية: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، بحذف الياء وصلا ووقفا.
قال البغوي: "وكذلك اختلف القراء في إثبات الياءات المحذوفة من الخط وحذفها في التلاوة، ويثبت يعقوب جميعها وصلا ووقفا، واتفقوا على إثبات ما هو مثبت في الخط وصلا ووقفا" (?).
قوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة: 186] أي" فليستجيبوا لي بالطاعة" (?).
قال الزجاج: " أي فليجيبوني" (?).
قال ابن عثيمين: " أي فليجيبوا لي" (?).
قال البيضاوي: " إذا دعوتهم للإيمان والطاعة، كما أجيبهم إذا دعوني لمهماتهم" (?).
قال المراغي: أي: "أي ليستدعوا مني الإجابة (?).
قال الواحدي: " أي: فليجيبوني بالطاعة وتصديق الرسل" (?).
قال الزمخشري: أي: " إذا دعوتهم للإيمان والطاعة، كما أنى أجيبهم إذا دعوني لحوائجهم" (?).