ب - أَنْ لَا يَعْزِمَ الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ خِلَالَ سَفَرِهِ.

ج - أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ , بَلْ فِي غَرَضٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ , وَذَلِكَ: لِأَنَّ الْفِطْرَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ , فَلَا يَسْتَحِقُّهَا عَاصٍ بِسَفَرِهِ , بِأَنْ كَانَ مَبْنَى سَفَرِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ , كَمَا لَوْ سَافَرَ لِقَطْعِ طَرِيقٍ مَثَلًا.

وللمسافر أن يفطر في رمضان وغيره، بدلالة الكتاب والسنة، الإجماع:

- أما الكتاب؛ فلقول الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].

- وأما السنة؛ فلقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وضع عن المسافر الصوم " (?)، وأحاديث كثيرة.

- وأما الإجماع، فأجمع المسلون على إباحة الفطر للمسافر في الجملة؛ وإنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر (?).

قال الإمام البخاري رحمه الله: "باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمَّى النبي - صلى الله عليه وسلم -، يوماً وليلةً سفراً، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً" (?). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قوله: بابٌ: في كم يقصر الصلاة؟ يريد بيان المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر ولا يسوغ له في أقلَّ منها ... وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، وأورد ما يدل على اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة" (?)، وكأن البخاري رحمه الله يشير إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور عنده في الباب (?)، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة" (?) (?).

وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: "لاتقصر إلى عرفة، وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان (?)، والطائف، وجدة، فإذا قدمت على أهلٍ أو ماشية فأتمّ" (?)، والمسافة من مكة إلى الطائف ثمانية وثمانون كيلو، ومن مكة إلى جدة تسعة وسبعون كيلو، ومن مكة إلى عسفان ثمانية وأربعون ميلاً. وهذه المسافة عليها الجمهور من أهل العلم، ومنهم الأئمة الثلاثة: الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي والإمام مالك رحمهم الله تعالى (?).

يقول ابن باز: "الأولى في هذا أن ما يعدُّ سفراً تلحقه أحكام السفر: من قصرٍ، وجمعٍ، وفطرٍ، وثلاثة أيام للمسح على الخفين؛ لأنه يحتاج إلى الزاد والمزاد: أي ما يعد سفراً، وما لا فلا، ولكن إذ عمل المسلم بقول الجمهور، وهو أن ما يعدُّ سفراً: هو يومين قاصدين ... فلو عمل الإنسان بهذا القول فهذا حسن من باب الاحتياط؛ لئلا يتساهل الناس فيصلوا قصراً فيما لا ينبغي لهم ... لكثرة الجهل، وقلة البصيرة، ولا سيما عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015