فقولهم: «أن لهما أن يفطرا» يدل على أنهم لا يوجبون الإفطار عليهما، وبناء عليه فالصوم يكون جائزاً إذن.

وهذا القول أيضاً قياس مذهب الحنابلة في المريض؛ إذ إنهم يرون أن المريض الذي يجوز له الفطر لو تكلف وصام فإن صومه يجزئه، ويسقط عنه الفرض مع الكراهية (?).

قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "فإن تحمل المريض وصام مع هذا، فقد فعل مكروهاً، لما يتضمنه من الإضرار بنفسه، وتركه تخفيف الله –تعالى- وقبول رخصته، ويصح صومه ويجزئه" (?).

وبناء على هذا، يمكن القول أنه لا خلاف بين المذاهب الأربعة في صحة صيام المسن الذي يجوز له الفطر بسبب المشقة وإجزائه مع الكراهة عند الحنابلة خاصة.

استدل أهل العلم لقولهم بصحة صيام المسن الذي يجوز له الفطر بسبب المشقة، وأن ذلك يجزئه بما يأتي:

1 - ... أن الصوم في هذه الحالة واجب على المسن، وجواز الفطر له إنما كان لرفع الحرج، فإذا تحمل وأتى بالواجب فقد أخذ بالعزيمة وترك الرخصة، فيجوز له ذلك ويجزئه (?).

2 - ... أنه يجزئه الصوم ويصح منه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها (?).

3 - ... أنه يجزئه الصوم ويصح منه كما تجزئ الصلاة قائماً للمعذور الذي تجوز له الصلاة قاعداً، ويتكلف ويصلي قائما (?).

وهذان الدليلان الأخيران ذكرهما ابن قدامة -رحمه الله تعالى- لجواز الصيام للمريض وإجزائه له مع تحمل المشقة، ويصح الاستدلال بهما هنا بجامع تحمل المشقة في كلا الحالين، ولكون ترك الجمعة، والقيام، والصيام رخصة في جميع هذه الحالات، والإتيان بها عزيمة. والله أعلم.

وفي سؤال هل الصوم أفضل للمسن أم الفطر؟

نقول بأن العلماء أجمعوا على جواز الفطر للمسن الذي لا يستطيع الصوم أو يشق عليه ذلك مشقة شديدة، وعُرف أنه لا خلاف بينهم في صحة صيامه مع تحمل المشقة، وأن ذلك يجزئه، ولكن هل الصوم أفضل له أم الفطر؟

لم أجد للعلماء في المذاهب الأربعة قولاً في هذه المسألة المتعلقة بالمسن خاصة -فيما اطلعت عليه- ولكنهم اختلفوا في الأفضلية بالنسبة للمريض والمسافر.

والمسن الذي يشق عليه الصيام يأخذ حكمهما بجامع المشقة والجهد؛ وعليه يمكن قياس مسألتنا على ما ذكروه فيهما، وقد اختلفوا في بيان الأفضلية بالنسبة للمسافر والمريض على ثلاثة أقوال:

القول الأول (?): أن الفطر أفضل، وإلى هذا ذهب الشافعية (?)، وهو قول الحنابلة مع كراهية الصوم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015