أحدهما: أنه الثاني عشر وما يليه.
الوجه الثاني: أنها الثالث عشر وما يليه.
قال الماوردي: " وهو [أي: الوجه الثاني] أظهر الوجهين، لأن أيام الشهر مجزأة عند العرب عشرة أجزاء، كل جزء منها ثلاثة أيام، تختص باسم، فأولها ثلاث غرر، ثم ثلاث شهب، ثم ثلاث بهر، ثم ثلاث عشر، ثم ثلاث بيض، ثم ثلاث درع، والدرع هو سواد مقدم الشاة، وبياض مؤخرها، فقيل لهذه الثلاث درع، لأن القمر يغيب في أولها، فيصير ليلها درعاً، لسواد أوله، وبياض آخره، ثم ثلاث خنس، لأن القمر يخنس فيها، أي يتأخر، ثم ثلاث دهم، وقيل حنادس لإظلامها، ثم ثلاث فحم، لأن القمر يتفحم فيها، أي يطلع آخر الليل، ثم ثلاث رادي، وهي آخر الشهر، مأخوذة من الرادة، أن تسرع نقل أرجلها حتى تضعها في موضع أيديها" (?).
واختلف في انتصاب قوله: {أَيَّامًا} [البقرة: 184]، وفيه وجوه (?):
الأول: أنه منصوب بإضمار فعل، أي: صوموا أيّاما معدودات. وهذا قول أبو حيان (?)، والسمين الحلبي (?)، وابن حجر (?).
الثاني: أنه منصوب بالصيام، وهو اختيار الزمخشري، إذ لم يذكره غيره، ونظره بقولك: «نويت الخروج يوم الجمعة» (?).
قال السمين الحلبي: " وهذا ليس بشيء، لأنه يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي، وهو قوله: «كما كتب» لأنه ليس معمولا للمصدر على أي تقدير قدرته. فإن قيل: يجعل «كما كتب» صفة للصيام، وذلك على رأي من يجيز وصف المعرف بأل الجنسية بما يجري مجرى النكرة فلا يكون أجنبيا. قيل: يلزم من ذلك وصف المصدر قبل ذكر معموله، وهو ممتنع" (?).
وكذا ضعّفه أبو حيان (?)، وأبو علي الفارسي، إذ يقول هذا الأخير: " ولا يستقيم أن ينتصب أيام بالصيام على أن يكون المعنى: كتب عليكم الصيام في أيام، لأنّ ذلك، وإن كان مستقيما في المعنى فهو في اللفظ ليس كذلك، ألا ترى أنّك إن حملته على ذلك فصلت بين الصلة والموصول بالأجنبي منهما! وذلك أن أياما تصير من صلة الصيام، وقد فصلت بينهما بمصدر: كتب، لأنّ التقدير: كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على من كان قبلكم، فالكاف في (كما) متعلقة بكتب، وقد فصلت بها بين المصدر وصلته، وليس من واحد منهما. فإن قلت: أضمر (الصِّيامُ) لتقدّم ذكر المتقدم عليه، كأنّه صيام أيّاما، فإنّ ذلك لا يستقيم، لأنّك لا تحذف بعض الاسم، ألا ترى أنّه قد قال (?): في قوله (?):