وفرّق أبو حاتم وغيره، بين لفتي (ميْت) و (ميّت)، من وجهين (?):
أحدهما: أن (الميْت): بالتخفيف، الذي فارقه الروح.
الثاني: أن (الميّت): بالتشديد، الذي لم يمت بعد وهو يموت، قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، ومنه قول الشاعر (?):
لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍ ... إِنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحْيَاءِ
قال القرطبي: "ولم يقرأ أحد بتخفيف ما لم يمت، إلا ما روى البزي عن ابن كثير {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17] والمشهور عنه التثقيل، وأما قول الشاعر (?):
إِذَا مَا مَاتَ مَيْتٌ مِنْ تَمِيمِ ... فَسَرَّكَ أنْ يَعِيشَ فَجِئْ بِزَادِ
فلا أبلغ في الهجاء من أنه أراد الميت حقيقة، وقد ذهب بعض الناس إلى أنه أراد من شارف الموت، والأول أشهر" (?).
كما اختلفت القراءة في قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [البقرة: 173] على وجوه (?):
أحدها: قرأ أبو عبد الرحمن السلمي: {إنما حرُم}، خفيفة الراء مضمومة، و {الميتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير}، رفعا على أن الفعل لها.
الثاني: وروى عن أبي جعفر: إنه قرأ: {حُرِّم} بضم الحاء وكسر الراء وتشديدها ورفع ما بعده وله وجهان (?):
أحدهما: إن الفاعل غير مسمى.
والثاني: وإما على خبر (إن).
قال الزجاج: " والذي أختاره أن يكون (ما) تمنع (إن) من العمل، فالاختيار ما عليه جماعة القراء لإتباع السنة، وصحته في المعنى" (?).
والثالث: {حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}، الرفع على خبر (إن)، وهي قراءة ابن أبي عبلة.
الرابع: وقرأ الباقون: {حرّم عليكم الميتةَ}، نصبا على إيقاع الفعل، وجعلوا {إنما}، كلمة واحدة تأكيدا وتحقيقا.
قوله تعالى: {وما أهلَّ به لغير الله} [البقرة: 173]، أي: "وما ذُبح للآلهة والأوثان يُسمى عليه بغير اسمه، أو قُصد به غيرُه من الأصنام" (?).
قال الصابوني: " أي وما ذبح للأصنام فذكر عليه اسم غير الله كقولهم باسم اللات والعزّى" (?).