قال الرازي: "والظاهر أن المراد: الأعمال التي اتبعوا فيها السادة، وهو كفرهم ومعاصيهم، وإنما تكون حسرة بأن رأوها في صحيفتهم، وأيقنوا بالجزاء عليها، وكان يمكنهم تركها والعدول إلى الطاعات، وفي هذا الوجه الإضافة حقيقية لأنهم عملوها، وفي الثاني مجاز بمعنى لزمهم فلم يقوموا به" (?).
قال الطبري: "و {حَسَرَاتٍ} جمع حسرة؛ وكل اسم كان واحده على (فَعْلة) مفتوح الأول ساكن الثاني، فإن جمعه على (فَعَلات) مثل: شَهوة وتَمرة، تجمع (شَهوات وتَمرات) مثقَّلة الثواني من حروفها، فأما إذا كان نَعتًا فإنك تَدع ثانيَه ساكنًا مثل (ضخمة)، تجمعها (ضخْمات) و (عَبْلة) تجمعها (عَبْلات)، وربما سُكّن الثاني في الأسماء، كما قال الشاعر (?):
عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ أوْ دُولاتِهَا ... يُدِلْنَنَا اللَّمَّة مِنْ لَمَّاتِهَا
فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا
فسكنّ الثاني من " الزفرات "، وهي اسم" (?).
و(الحسرة): "هي الندم مع الانكماش، والحزن؛ فهؤلاء الأتباع شعورهم بالندم، والخيبة، والخسران لا يتصور؛ فالأعمال التي عملوها لهؤلاء المتبوعين صارت - والعياذ بالله - خسارة عليهم، وندماً؛ ضاعت بها دنياهم، وآخرتهم؛ وهذا أعظم ما يكون من الحسرة" (?).
وقال الزجاج: " والحسرة: شدة الندم، حتى يبقى النادم كالحسير من الدواب الذي لا منفعة فيه، ويقال: حسر فلان يحسر حسرة وحسرا: إذا اشتد ندمه على أمر فاته، قال المرار (?):
ما أنا اليوم على شيء خلا ... يا ابنة القين تولى بحسر
أي: بنادم" (?).
واختلف في أصل (الحسرة) في اللغة، على قولين (?):
أحدهما: أنها مشتقة من الشيء الحسير الذي قد انقطع وذهبت قوته كالبعير والبصر.
والثاني: أنها: من حسر إذا كشف، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يحسر الفرات عن جبل من ذهب» (?).
قال الواحدي: "وأصل الحسر: الكشف، يقال: حسر عن ذراعه، والحسرة: انكشاف عن حال الندامة، والحسور: الإعياء؛ لأنه انكشاف الحال عما أوجبه طول السفر، والمحسرة: المكنسة؛ لأنها تكشف عن الأرض، والطير تنحسر؛ لأنها تنكشف بذهاب الريش" (?).