الثاني: أن معنى {الأسْبَابُ}، "المنازل التي كانت لهم من أهل الدنيا". قاله ابن عباس (?)، والربيع بن أنس (?).

الثالث: أن {الأسْبَابُ}: الأرحام. قاله ابن عباس (?).

الرابع: أن {الأسْبَابُ}: "الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا". قاله السدي (?)، وابن زيد (?).

الخامس: العهود التي كانت بينهم في الدنيا. قاله أبو روق (?).

وجميع المعاني السابقة تجمعها كلمة (الأسباب)، لأن كل هذه المعاني أسباب يتسبب في الدنيا بها إلى مطالب، فقطع الله منافعها في الآخرة عن الكافرين به، لأنها كانت بخلاف طاعته ورضاه، فهي منقطعة بأهلها. فلا خِلالُ بعضهم بعضًا نَفعهم عند ورُودهم على ربهم، ولا عبادتُهم أندادهم ولا طاعتهم شياطينهم؛ ولا دافعت عنهم أرحامٌ فنصرتهم من انتقام الله منهم، ولا أغنت عنهم أعمالهم، بل صارت عليهم حسرات. فكل أسباب الكفار منقطعة (?).

واختلف في (الباء) في قوله: {وتقطعت بهم} [البقرة: 166]، على وجوه (?):

أحدها: أنها بمعنى: (عن)، كقوله: {فاسأل به خبيرا} [الفرقان: 59]، أي: عنه، قال علقمة بن عبدة (?):

فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب

أي: عن النساء.

وقال يزيد بن جهم (?):

تسائل بي هوازن أين مالي ... وهل لي غير ما أتلفت مال

أي: عني (?).

الثاني: أنها للسببية، والتقدير: وتقطعت بسبب كفرهم (?).

الثالث: وقيل: إنها للحال، أي تقطعت موصولة بهم الأسباب (?).

الرابع: وقيل: الباء للتعدية، والتقدير: قطعتهم الأسباب، كما تقول: تفرقت بهم الطرق، أي فرقتهم (?).

وقرئ: {وتقَطَّعَتْ}، على البناء للمفعول (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: أن المتبوعين بالباطل لا ينفعون أتباعهم؛ لقوله تعالى: {إذ تبرأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا}؛ ولو كانوا ينفعونهم لم يتبرؤوا منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015