قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137]، " أي سيكفيك يا محمد شرهم وأذاهم ويعصمك منهم" (?).
قال ابن كثير: أي: "فسينصرك عليهم ويُظْفِرُك بهم" (?).
قال مقاتل: " يعني أهل الكتاب ففعل الله- عز وجل- ذلك فقتل أهل قريظة، وأجلى [بني] النضير من المدينة إلى الشام" (?).
قال الزجاج: " هذا ضمان من اللَّه عزَّ وجلَّ في النصر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لأنه إِنما يكفيه إِياهم بإظهار ما بعثه به على كل دين سواه - وهذا كقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33] " (?).
قال أبو السعود: " أي سيكفيك شِقاقَهم فإن الكفاية لا تتعلق بالأعيان بل بالأفعال" (?).
قال الطبري: " ففعل الله بهم ذلك عَاجلا وأنجزَ وَعْده، فكفى نبيّه صلى الله عليه وسلم بتسليطه إيّاه عليهم، حتى قتل بعضهم، وأجلَى بعضًا، وأذلّ بعضًا وأخزاه بالجزية والصَّغار" (?).
قال الزجاج: " فإن قال قائل: فإن من المرْسَل مَنْ قُتِل، فإن تأويل ذلك - والله أعلم - أن اللَّه غالب هو ورسله بالحجة الواضحة، والآية البينة، ويجوز أن تكون غلبةَ الآخرة لأن الأمر هو على ما يستقر عليه في العاقبة" (?).
وقد قيل: إِن الله لم يأمر رسولاً بحرب فاتبع ما أمره الله به في حربه إِلا غَلَب. فعلى هذا التأويل يجوز أن يكون لم يقتل رسول قط محارباً.
قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137]، " أي هو تعالى يسمع ما ينطقون به ويعلم ما يضمرونه في قلوبهم من المكر والشر" (?).
قال مقاتل: " [{السميع}]، لقولهم للمؤمنين: {كونوا هودا أو نصارى تهتدوا}، ثم قال {العليم}، بما قالوا" (?).
قال الثعلبي: أي" {السَّمِيعُ} لأقوالهم، {الْعَلِيمُ} بأحوالهم" (?)
قال ابن عطية: " {السَّمِيعُ} لقول كل قائل، {الْعَلِيمُ} بما يجب أن ينفذ في عباده" (?).
قال أبو السعود: " تذييلٌ لما سبق من الوعد وتأكيدٌ له والمعنى أنه تعالى يسمع ما تدعون به ويعلم ما في نِيَّتك من إظهار الدينِ فيستجيب لك ويوصلك إلى مرادك" (?).
وفي قوله تعالى: قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137]، وجهان (?):
الأول: أنه وعيد لهم والمعنى أنه يدرك ما يضمرون ويقولون وهو عليم بكل شيء فلا يجوز لهم أن يقع منهم أمر إلا وهو قادر على كفايته إياهم فيه.
الثاني: أنه وعد للرسول عليه السلام يعني: يسمع دعاءك ويعلم نيتك وهو يستجيب لك ويوصلك إلى مرداك، واحتج الأصحاب بقوله: {وهو السميع العليم} على أن سمعه تعالى زائد على علمه بالمسموعات لأن قوله: {عليم} بناء مبالغة فيتناول كونه عالما بجميع المعلومات، فلو كان كونه سميعا عبارة عن علمه بالمسموعات