وَضرب كَانُوا يتكسبون بذلك ويرتزقون بِهِ فِي قصصهم كَأبي سعد الْمَدَائِنِي الَّتِي تَأتي تَرْجَمته فِي الكنى إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَضرب امتحنوا بأولادهم أَو دراقين لَهُم، فوضعوا لَهُم أَحَادِيث، ودسوها عَلَيْهِم فَحَدثُوا بهَا من غير أَن يشعروا كَعبد الله بن مُحَمَّد بن ربيعَة القدامي بِضَم الْقَاف نِسْبَة إِلَى جده الْأَعْلَى قدامَة المصِّيصِي الَّذِي تَأتي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَهَذَا الضَّرْب لَا إِثْم عَلَيْهِم فِي ذَلِك إِذا لم يعلمُوا وَلَكنهُمْ لَيْسُوا بِحجَّة، وَإِن كَانُوا عُدُولًا، لأَنهم قبلوا التَّلْقِين.
وَضرب يلجؤون إِلَى إِقَامَة دَلِيل على مَا أفتوا بآرائهم فيضعون.
قَالَ شَيخنَا الْعِرَاقِيّ كَمَا نقل عَن أبي الْخطاب ابْن دحْيَة إِن ثَبت عَنهُ انْتهى. وَقد حَدثنِي مشايخي الْحفاظ الثَّلَاثَة أَبُو حَفْص البُلْقِينِيّ، وَابْن الملقن، والعراقي بِالْقَاهِرَةِ بِأَن أَبَا الْخطاب بن دحْيَة الْمَذْكُور قيل وضع حَدِيثا فِي قصر صَلَاة الْمغرب، وَلم يجْزم أحد مِنْهُم عَنهُ بذلك. هَذَا لم أذكرهُ فيهم لِأَنَّهُ لم يجْزم أحد مِنْهُم فِيهِ بذلك. وَقد تكلم فِيهِ عَنهُ بِسَبَب آخر، وَلم أر أحدا جزم عَنهُ بذلك، وَلَا ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمته. وَكَانَ يَنْبَغِي لشَيْخِنَا الْعِرَاقِيّ أَن يمثل بِغَيْر ابْن دحْيَة لكَونه مَا ثَبت عَنهُ ذَلِك، وَقد قَالُوا مثل ذَلِك فِي تَرْجَمَة عبد الْعَزِيز بن الْحَارِث التَّمِيمِي الْحَنْبَلِيّ من رُؤَسَاء الْحَنَابِلَة وأكابر البغاددة كَمَا أذكرهُ فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَضرب يقلبون سَنَد الحَدِيث ليستغرب، فيرغب فِي سَمَاعه مِنْهُم، وَهَذَا الضَّرْب لم أذكر مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل، وَإِن كَانَ وضع السَّنَد كوضع الْمَتْن، إِلَّا أَنه أخف مِنْهُ، فَإِنِّي لَا أذكر مِنْهُم غَالِبا أحد إِلَّا أَن يُصَرح فِيهِ بِالْوَضْعِ، والقالبون جمَاعَة.
وَضرب يتدينون بذلك لترغيب النَّاس فِي أَفعَال الْخَيْر بزعمهم، وهم منسوبون إِلَى الزّهْد، وهم أعظم النَّاس ضَرَرا، لأَنهم يحتسبون بذلك ويرونه قربَة، وَالنَّاس يثقون بهم ويركنون إِلَيْهِم لما نسبوا إِلَيْهِم من الزّهْد وَالصَّلَاح فينقلونها عَنْهُم.