وَقد ذكر شَيخنَا الْعِرَاقِيّ الصَّحَابَة الَّذين رَوَوْهُ على حُرُوف المعجم فِي كتاب النكت على ابْن الصّلاح مِمَّا قرأته عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: فَهَؤُلَاءِ خَمْسَة وَسَبْعُونَ. ثمَّ قَالَ: يَصح من حَدِيث نَحْو عشْرين. اتّفق الشَّيْخَانِ على حَدِيث أَرْبَعَة مِنْهُم، وَانْفَرَدَ (خَ) بِثَلَاثَة، و (م) بِوَاحِد، وَإِنَّمَا يَصح من حَدِيث خَمْسَة من الْعشْرَة، وَالْبَاقِي أسانيدها ضَعِيفَة. وَلَا يُمكن التَّوَاتُر فِي شَيْء من طرق هَذَا الحَدِيث، لِأَنَّهُ يتَعَذَّر وجود ذَلِك فِي الطَّرفَيْنِ وَالْوسط، بل بعض طرقه الصَّحِيحَة إِنَّمَا هِيَ إِفْرَاد من بعض رواتها، وَقد زَاد بَعضهم فِي عدد هَذَا الحَدِيث حَتَّى جَاوز الْمِائَة. وَلكنه لَيْسَ هَذَا الْمَتْن، وَإِنَّمَا هِيَ أَحَادِيث فِي مُطلق الْكَذِب عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَحَدِيث: (من حدث عني بِحَدِيث يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَاذِبين) . وَنَحْو ذَلِك فحذفتها لذَلِك، وَلم أعدهَا فِي طرق الحَدِيث ثمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي مُطلق الْكَذِب، لَا هَذَا الْمَتْن بِعَيْنِه. انْتهى.
ثمَّ ليعلم أَن الوضاعين أَصْنَاف وَقد قسمهم أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات سَبْعَة أَقسَام انْتهى. وَذَلِكَ بِحَسب الْأَمر الْحَامِل لَهُم على الْوَضع:
فَضرب يَفْعَلُونَهُ انتصارا لمذهبهم كالخطابية، والرافضة. وَقوم من السالمية.
وَضرب يَتَقَرَّبُون بِهِ إِلَى بعض الْخُلَفَاء والأمراء بِوَضْع مَا يُوَافق فعلهم كغياث بن إِبْرَاهِيم الَّتِي تَأتي تَرْجَمته، حَيْثُ وضع للمهدي الْخَلِيفَة: لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف. فَزَاد فِيهِ أَو جنَاح، وَكَانَ الْمهْدي إِذْ ذَاك يلْعَب بالحمام فَتَركهَا بعد ذَلِك، وَأمر بذبحها وَقَالَ: أَنا حَملته على ذَلِك.