صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا رجل مَاتَ ضيَاعًا بَين قوم أَغْنِيَاء فقد بَرِئت مِنْهُم ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله وَكَذَا إِذا لم يكن عِنْد من يعلم بِحَالهِ مَا يُعْطِيهِ وَلكنه قَادر على الْخُرُوج إِلَى النَّاس فيخبر بِحَالهِ ليواسوه يفترض عَلَيْهِ ذَلِك لِأَن عَلَيْهِ أَن يدْفع مَا نزل بِهِ عَنهُ بِحَسب الْإِمْكَان وَالطَّاعَة بِحَسب الطَّاقَة فَإِن إمتنعوا من ذَلِك حَتَّى مَاتَ اشْتَركُوا فِي المأثم وَإِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط عَن البَاقِينَ
وَهُوَ نَظِير فدَاء الْأَسير فَإِن من وَقع أَسِيرًا فِي يَد أهل الْحَرْب من الْمُؤمنِينَ فقصدوا قَتله يفترض على كل مُسلم يعلم بِحَالهِ أَن يفْدِيه بِمَالِه إِن قدر على ذَلِك وَإِلَّا أخبر بِهِ غَيره مِمَّن يقدر عَلَيْهِ وَإِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط عَن البَاقِينَ لحُصُول الْمَقْصُود وَلَا فرق بَينهمَا فِي الْمَعْنى فَإِن الْجُوع الَّذِي هاج من طبعه عَدو يخَاف الْهَلَاك مِنْهُ بِمَنْزِلَة الْعَدو من الْمُشْركين
فَأَما إِذا كَانَ الْمُحْتَاج يتَمَكَّن من الْخُرُوج وَلَكِن لَا يقدر على الْكسْب فَعَلَيهِ أَن يخرج وَمن يعلم بِحَالهِ إِذا كَانَ عَلَيْهِ شئ من الْوَاجِبَات فليؤده إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قد وجد لما اسْتحق عَلَيْهِ تَصرفا ومستحقا فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يسْقط الْفَرْض عَن نَفسه بِالصرْفِ إِلَيْهِ حتما لِأَنَّهُ أوفى إِلَيْهِ من غَيره وَهُوَ ينْدب إِلَى الْإِحْسَان إِلَيْهِ إِن كَانَ قد أدّى مَا عَلَيْهِ من الْفَرَائِض لقَوْله تَعَالَى {وأحسنوا إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ} قَالَ تَعَالَى {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} وَلما سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أفضل