الكتاب لسيبويه (صفحة 437)

كأنك قلت مررتُ بهما. فالنفىُ فى هذا أن تقولَ: ما مررتُ برجلٍ وحمار، أي ما مررت بهما، وليس في هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا بشيء مع شيء، لأن يجوز أن تقول: مررت بزيد وعمرو والمبدوء به في المرور عمرو، " ويجوز أن يكون زيداً "، ويجوز أن يكون المرورُ وَقَعَ عليهما فى حالةٍ واحدة.

فالواوُ تَجمع هذه الأشياءَ على هذه المعانى. فإذا سمعتَ المتكلَّمَ يَتكلّم بهذا أَجبتَه على أيَّها شئتَ؛ لأنها قد جَمعتْ هذه الأشياءَ. وقد تقول: مررت بزيد وعمرو، على أنّك مررت بهما مُرُورَيْن، وليس فى ذلك " دليلٌ " على المرور المبدوء به، كأنّه يقول: ومررت أيضاً بعمرو. فنفْىُ هذا: ما مررتُ بزيد وما مررتُ بعمرو.

وسنبَّين النفىَ بحروفه فى موضعه إنْ شاء الله.

ومن ذلك " قولك ": مررت بزيد فعمرو، ومررت برجل فامرأة. فالفاء أشركت بينهما فى المرور، وجَعلتِ الأوّلَ مبدوءاً به. ومن ذلك: مررتُ برجلٍ ثُمّ امرأَةٍ، فالمرورُ ههنا مُرورانِ، وجَعلَتْ ثُمّ الأوّلَ مبدوءاً به وأَشركتْ بينهما فى الجرّ.

ومن ذلك " قولك ": مررتُ برجلٍ أَوِ امْرأةٍ، فأَوْ أَشْركتْ بينهما فى الجرّ، وأثبتِت المرورَ لأَحَدِهما دون الآخَرِ، وسَوّتْ بينهما فى الدعْوَى. فَجوابُ الفاءِ: ما مررت بزيد فعمرو. وجوابُ ثُمّ: ما مررتُ بزيدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015