قوله عزَّ وجلَّ: {أَنْ تُؤَدُّوا} أن في موضع نصب على إسقاط الباء، أي: يأمركم بأن تؤدوا، ومثله {أَنْ تَحْكُمُوا}.
وقوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ} (إذا) منصوب بفعل محذوف دل عليه {أَنْ تَحْكُمُوا}، أي: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، ويأمركم أن تحكموا إذا حكمتم. ولك أن تنصبه بيأمركم المحذوف، أي: ويأمركم إذا حكمتم، ولا يجوز أن تنصبه بأن تحكموا المذكورة؛ لأنَّ أن وما بعده في تأويل المصدر، ومعمول المصدر لا يتقدم عليه، ولا بـ {حَكَمْتُمْ}؛ لأنَّ (إذا) مضاف إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف.
وقوله: {بِالْعَدْلِ} يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: {أَنْ تَحْكُمُوا}، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أنَّ تجعله حالًا من الضمير في {أَنْ تَحْكُمُوا}.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} قد مضى الكلام على (نِعْمَ) وما فيها من القراءات في سورة البقرة، فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (?).
وأما (ما) هنا فتحتمل أن تكون منصوبة موصوفة بقوله: {يَعِظُكُمْ بِهِ} والفاعل مضمر، والمخصوص محذوف كقوله: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} (?) أي: بئس البدل بدلًا هو وذريته.
وأن تكون مرفوعة على الفاعلية موصولة بقوله: {يَعِظُكُمْ بِهِ} والمخصوص بالمدح محذوف أيضًا، وهو المأمور به من تأدية الأمانات والعدل في الحكم، أي: نعم الشيء شيئًا يعظكم به ذاك، أو نعم الذي يعظكم به ذاك، وفيها أقوال وتقديرات أخر أضربت عنها إذ لا طائل تحتها، والجملة في موضع رفع بخبر إن.