قوله عز وجل: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}. (يوم): ظرف للظرف وهو {لَهُمْ}، أو لقوله: {عَظِيمٌ} (?) أو لمعنى الجملة، كأنه قيل: يعذبون يوم تبيض، ويجوز أن يكون منصوبًا بإضمار اذكروا.

فإن قلت: هل يجوز أن يكون ظرفًا لعذاب؟ قلت: مُنع ذلك لكونه قد وصف، وأنا لا أمنعه وإن كان قد وصف، لأن الظرف تكفيه رائحة الفعل، ويعضد ما ذهبتُ إليه قولُ الشيخ أبي علي: ولم يستحسنوا هذا ضاربٌ ظريفٌ زيدًا، فظاهر قوله: "لم يستحسنوا" يدل على أنه يجوز على قُبْحٍ. وقد جوز الشيخ أبو علي فيما رُوي عنه في قوله:

128 - إذا فاقدٌ خَطْباءُ فَرْخَينِ رَجَّعَتْ ... ذَكَرْتُ سُلَيْمَى في الخَليطِ المُباينِ (?)

أن يكون (فرخين) نصبًا بفاقد مع وصفه بخطباء (?).

وعنه أيضًا: أنه ينتصب بفعل مضمر دل عليه فاقد، نحو: إذا فاقد خطباء فقدت فرخين (?)، كأنه قيل: ما فقدت؟ فقال: فرخين.

وإذا كانوا قد جَوَّزوا النصبَ في المفعول به باسم الفاعل بعد أن وُصفَ، فأَنْ يُجَوِّزوه في الظرف بالمصدر بعد أن وُصفَ أولى وأجدر، لما ذكرت آنفًا من أن الظرف تكفيه رائحة الفعل، أي: يَعظُم العذاب في هذا اليوم، وهو يوم القيامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015