قوله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} (الذين): هنا يحتمل أن يكون في موضع رفع، وأن يكون في موضع نصب؛ إن قَدَّرْتَهُ في موضع رفع: فهو رفع بالابتداء و {فَأُعَذِّبُهُمْ} الخبر، وإن قدّرته في موضع نصب: فهو منصوب بفعل مضمر يفسره هذا الظاهر وهو {فَأُعَذِّبُهُمْ}، تقديره: فأما الذين كفروا فأعذب فأعذبهم، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه، وفي التنزيل: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} (?) بالرفع على الابتداء، والخبر {فَهَدَيْنَاهُمْ}. وقرئ بالنصب (?)، على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر، أي: وأما ثمودَ فهدينا فهديناهم.
فإن قلت: لِمَ قَدَّرْتَ الفعل بعد الصلة وبعد ثمود، وهلا قدرت قبلهما؟ قلت: لأن (أما) حرف فيه معنى الشرط مضمنًا معنى الفعل، والفعل لا يلي الفعل، فاعرفه وقس عليه ما ورد عليك من نظائره في التنزيل مما لم يظهر فيه الإِعراب، كنحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} (?).
{ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}:
قوله عز وجل: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ} الإشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وزكريا - عليه السلام - وغيرهما، وهو مبتدأ خبره {نَتْلُوهُ}.
و{مِنَ الْآيَاتِ}: يحتمل أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون حالًا من الهاء في {نَتْلُوهُ}.
أو خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر ذلك، و {نَتْلُوهُ}: حال من (ذا)