حملًا على المعنى دون اللفظ؛ لأن الاستفهام في اللفظ عن فاعل القرض، لا عن القرض، فلما كان معنى (من يقرض الله) كمعنى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ} حُمل على المعنى، كأنه قيل: أيقرضُ اللَّهَ أحدٌ فيضاعفَه؟ ألا ترى أنك لو قلت: أيقرضني زيد فأشكره، بالنصب جاز، ولو قلت: أزيد يقرضني فأشكره، بالنصب لم يجز؛ لأن المستفهم عنه المقرض لا القرض، إلّا أن تحمله على المعنى كما ذكر، وقد مضى الكلام على هذا في الدرة الفريدة في شرح القصيدة بأشبع من هذا، فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (?).
وأصل القرض في اللغة: القطع، تقول: قَرَضْتُ الشيءَ أَقْرضهُ قَرْضًا، إذا قطعتَه، ومنه قَرْض الفأرِ الثوبَ، وسمي الشِّعرُ قريضًا؛ لأنه يقطَعه من كلامه. وهو هنا قَطْعُ جُزْءٍ من المال بالإعطاء على أن يُرَدَّ بدلُه. والقرض في حق الله تعالى مجاز؛ لأن القرض يكون في موضع الحاجة، والله تعالى منزه عنها، وقيل: في الكلام حذف مضاف، أي: من ذا الذي يقرض عباد الله والمحتاجين من خلقه (?)، ثم حُذف المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامه، كنحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (?).
{أَضْعَافًا}: جمع ضِعْفٍ، وهو العَيْنُ لا المعنى. والمعنى: الإضعاف. و {أَضْعَافًا} يحتمل أن يكون مفعولًا ثانيًا على تضمين المضاعفة معنى التصيير، أي: فصيره أضعافًا، وأن يكون حالًا من الهاء في {فَيُضَاعِفَهُ}. وقد جُوّزَ أن يكون جمع ضِعفٍ، والضعف: اسم واقع موقع المصدر كالعطاء موضع الإِعطاء في قوله: