وإنما قال: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} عند التعجيل والتأخير تنبيهًا على أن كليهما مخير فيهما، كأنه قيل: فتعجلوا أو تأخروا (?).
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)}:
قوله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ}: مَن: موصولةٌ وما بعدها صلتها، أو موصوفة وما بعدها صفتها، وهي في كلا التقديرين في موضع رفع بالابتداء، و (من الناس) الخبر. ومعنى {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ}، أي: يروقك قوله.
وقوله: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قد جوز أن يتعلق بالقول، أي: يعجبك ما يقوله في معنى الدنيا، لأن ادعاءه المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما فسر (?) - بالباطل يتطلب حظًّا من حظوظ الدنيا.
وأن يتعلق بالإعجاب، أي: قوله حلو فصيح في الدنيا، فهو يعجبك في الدنيا، ولا يعجبك في الآخرة، لما يَرْهَقُهُ في الموقف من الحُبْسَةِ واللُّكْنَةِ (?).
وقوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ} عطف على {يُعْجِبُكَ}، أي: يحلف ويقول: الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام. ويحتمل أن تكون الجملة في موضع نصب على الحال من الهاء في {قَوْلُهُ}، والعامل فيها القول، أي: يروقك أن يقول في معنى الدنيا حالفًا على ذلك.