وقيل: إنَّ (فَعِل) للمبالغة لغة، كما أن (فَعَّل) للمبالغة (?).
والرابع: على التمييز وهو مذهب الفراء: قال: لما حُوِّل الفعل من النفس إلى صاحبها خرج ما بعده مفسرًا، ليدل على أن السفه فيه، وكان حُكْمه أن يكون سَفِه زيدٌ نفسًا، لأن المفسِّر لا يكون إلا نكرة، ولكنه تُرك على إضافته، ونُصب كنَصْبِ النكرةِ تشبِيهًا بها، ومثله قولهم: ضِقْتُ به ذَرْعًا، وطِبْتُ به نفسًا. والمعنى ضاق ذرعي به، وطابت نفسي به (?).
وقال أبو عبيدة: معناه: أَهْلَكَ نفسَه، وأوبَقَ نفسه (?).
والمختار: الأول، يعضده قوله عليه الصلاة والسلام: "الكِبْرُ أنْ تَسْفَهَ الحقَّ وتَغْمَصَ الناسَ" (?). يقال: غَمِصَهُ، إذا استصغره ولم يره شيئًا، وغَمص فلانٌ النعمةَ، إذا لم يشكرْها، وغَمْصُ الشخصِ أيضًا عَيْبُهُ.
{وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا}: أي: اخترناه فيها للرسالة، وهو (افتعلنا) من الصفوة، فقلبت التاء طاء؛ لأنها من مخرج التاء، والطاء أشبه بالصاد من جهة الاستعلاء والإطباق، فقلبت للمؤاخاة.
{لَمِنَ الصَّالِحِينَ}: تَحتمل أن تكون الألف واللام بمعنى الذي، وأن تكون للتعريف، فإن جعلتهما بمعنى الذي كان {فِي} في قوله: {فِي الْآخِرَةِ} متعلقًا بمحذوف دلَّ عليه هذا الظاهر، أي: وأنه صالح في الآخرة لِمن الصالحين. ولا يجوز أن يكون متعلقًا بهذا الظاهر؛ لأن الصلة لا تتقدم