وقد مضى الكلام على {مَا} فيما سلف من الكتاب، و {شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}، أي: باعوها.
{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}: جواب {لَوْ} محذوف، أي: لو كانوا يعلَمون بعلمهم (?) لما صدر منهم ما صدر، لأن الله تعالى قد أثبت لهم العلم في قوله: {وَلَقَدْ عَلِمُوا}، وأكده بالقسم، وهذا كما تقول: والله لقد علمت يا فلانُ، وما (?) علمتَ حين رأيتَه لم يعمل بعلمه، جعلتَه كأنه منسلخ عنه وخال منه.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103)}
قوله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا} (أن) وما اتصل به في تأويل مصدر في موضع رفع بفعل مضمر، أي: لو وقع منهم أنهم آمنوا بالمُنْزَل والمُنْزَلِ عليه عليه الصلاة والسلام، أي: إيمانهم، واتقوا الله، فتركوا ما هم عليه من نبذ الحق، واتباع الباطل. و {لَوْ} لا يليه إلا الفعل: إما مضمرًا وإما مظهرًا، كقوله: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ} (?)، لأن فيه معنى الشرط، والشرط بابه الفعل، وإنما لم يجزم، كما يجزم حرف الشرط؛ لأن حرف الشرط يقلب الماضي إلى المستقبل، و {وَلَوْ} لم يقلب، فامتنع من العمل لذلك.
{لَمَثُوبَةٌ}: اللام لام الابتداء، و (مثوبة) مبتدأ، وجاز الابتداء بالنكرة، لكونها قد وصفت بقوله: {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} و. {خَيْرٌ}: خبره. وجواب {لَوْ} محذوف دلت عليه هذه الجملة، والتقدير: لأُثيبوا (?). ولا