والثاني: أن يكون مفعولًا به على معنى أَعْطَوا عهدًا (?).

{مِنْهُمْ}: في محل الرفع صفة لفريق. والفريق: اسم جمع لا واحد له من لفظه، ويقع على القليل والكثير من الجمع، ولذلك فُسِّرَتْ كثرة النابذين بقوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} لما احتمل الفريق أن يكون الأقل.

ومن: للتبعيض، وليست كالتي في قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ} (?)، لأن منهم من لم ينقض.

{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}: ابتداء وخبر. فإن قلت: لم دخلت {بَلْ} هنا؟ قلت: قيل: لدفع الإلباس، وذلك أنه لما قيل: {نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} احتَمل أن يَظُنَّ بعضُ السامعين أن الفريق قليل منهم، فقيل: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ}، لِيُعلم أن الفريق أكثرهم، كما تقول: أتاني ناس من قومك بل أكثرهم، فقولك: بل أكثرهم تأكيد للكلام، لأن ناسًا يقع على القليل منهم والكثير، فخرجتَ من خبر إلى خبر لأجل التأكيد، كما تقول: بلغني أن فلانًا في دارك بل قد رأيته فيها، فليس قولك: بل قد رأيته، بِناقضٍ لما أخبرتَ به أولًا، وإنما هو للتأكيد فاعرفه.

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ} {الْكِتَابَ}: مفعول ثان لأوتوا، و {كِتَابَ اللَّهِ} مفعول نبذ.

{كَأَنَّهُمْ}: في محل النصب على الحال من {فَرِيقٌ}، أي: نبذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015