فإن قلت: ما معنى قوله: {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ} بعد قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ}؟ وكيف جاز أن يكون هذا جوابًا للشرط؟ قلت: قيل في معناه وفي تقديره وجهان:
أحدهما: إنْ عادى جبريل أحد من أهل الكتاب، فلا وجه لمعاداته حيث نزّل كتابًا مصدقًا للكتب بين يديه، فلو أنصفوا لأحبوه، وشكروا له صنيعه في إنزاله ما ينفعهم ويصحح المُنْزَلَ عليهم.
والثاني: إنْ عاداه أحد، فالسبب في عداوته أنه نَزَّلَ عليك القرآن مصدقًا لكتابهم، وموافقًا له، وهم كارهون للقرآن ولموافقته لكتابهم، ولذلك كانوا يحرفونه، ويجحدون موافقته (?).
وقيل: جواب الشرط محذوف، والتقدير: من كان عدوًا لجبريل فليمت غيظًا، فإنه نَزَّل الوحيَ على قلبك (?).
والضمير في {فَإِنَّهُ} لجبريل، وفي {نَزَّلَهُ} للقرآن، وقيل: الأول لله سبحانه، والثاني لجبريل، أي: فإن الله نزل جبريل، أو القرآن (?).
فإن قلت: ما محل {بِإِذْنِ اللَّهِ}؟ قلت: محله النصب على الحال من المنوي في نزل الراجع إلى جبريل - عليه السلام -، أي: نزل القرآن ومعه الإذن، أو مأذونًا له.
{مُصَدِّقًا}: منصوب على الحال من الضمير في {نَزَّلَهُ} المنصوب، وهو ضمير القرآن. وكذلك (هدى وبشرى) حالان منه، أي: هاديًا ومبشرًا.