{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ أَخَذْنَا} أي: واذكروا إذ أخذنا.

والكلام في قوله: {لَا تَسْفِكُونَ} كالكلام في قوله: {لَا تَعْبُدُونَ} وقد ذَكَرْتُ قُبَيْلُ، والسَّفْكُ: صَبُّ الدم، والجمهور على كسر الفاء، وقريء: بضمها (?) وهو لغية. والسفك، والصب، والإراقة، نظائر في المعنى.

{مِنْ دِيَارِكُمْ}: جمع دار، يقال: دارٌ وأَدْؤُرٌ بالهمز وتَركِهِ في القلة، وفي الكثير: ديار، كجبل وأجبل وجبال، ودور أيضًا كأَسَد وأُسْد. والياء في ديار منقلبة عن واو لكسرة ما قبلها كَحِياضٍ.

{ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ}: قيل: فيه وجهان:

أحدهما: أن {ثُمَّ} على بابها في إفادة العطف والتراخي، والمعطوف عليه محذوف، أي: فقبلتم ثم أقررتم. والمُقَرُّ به هو الميثاق.

والثاني: أن تكون {ثُمَّ} أتت لترتيب الخَبَر، لا لترتيب المُخْبَرِ عنه كقوله: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ} (?)، وقوله: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} (?).

{وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}: جملة في موضع الحال من الضمير في {أَقْرَرْتُمْ}. والمعنى: ثم أقررتم بالميثاق واعترفتم على أنفسكم بلزومه وأنتم تشهدون عليها، كما تقول: فلان مُقِرٌّ على نفسه بكذا، وهو شاهد عليها.

{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015