قوله عز وجل: {مَا لَوْنُهَا}: {مَا} استفهام أيضًا في موضع رفع بالابتداء، و {لَوْنُهَا} خبره، والجملة في موضع نصب بقوله: {يُبَيِّنْ}. ويجوز نصب {لَوْنُهَا} على أن تجعل {مَا} مزيدة، كالتي في قوله: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} (?)، وبه قرأ بعض القراء (?). {صَفْرَاءُ}: صفة للبقرة، والهمزة في {صَفْرَاءُ} منقلبة عن ألف التأنيث، ولذلك لم تُصْرَفْ. {فَاقِعٌ}: وصف لقوله: {صَفْرَاءُ} على وجه التوكيد، وقد ذكرتُ فيما سلف من الكتاب: أن الصفة لا توصف إلَّا أن يكون في الثاني معنى زائد على الأول كقولهم: أصفرُ فاقعٌ، وأبيضُ ناصعٌ، وأسودُ حالك (?).

وارتفع {لَوْنُهَا} به ارتفاع الفاعل بفعله، وتذكيره لذلك، فلا فرق بين قولك: صفراء فاقعة، وصفراء فاقع لونها، لأن اللون من سببها وملتبس بها. ولك أن تجعل {لَوْنُهَا} مبتدأ و {فَاقِعٌ} خبره، والجملة في موضع رفع بحق الصفة. والفُقُوع: أشد ما يكون من الصفرة، يقال في التوكيد: أَصْفَرُ فاقعٌ. إذا كان شديد الصفرة، وقد فَقَعَ لونُه يَفْقَعُ وَيَفْقُعُ فُقُوعًا (?).

وعن الحسن البصري: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} سوداء شديدة السواد (?).

قال بعض أهل التأويل: ولعله مستعار من صفة الإبل، لأن سوادها تعلوه صفرة، وبه فُسّر قوله: {جِمَالَتٌ صُفْرٌ} (?). وقال الأعشى: