قوله عز وجل: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} (ما) موصولة ونهاية صلتها: {وَبَنِينَ}، وهي اسم (أن)، وفي خبرها وجهان:
أحدهما: {نُسَارِعُ}، والعائد من الخبر إلى الاسم محذوف تقديره: نسارع لهم به في الخيرات، فحذفت (به) للعلم بها مع استطالة الكلام، كما حذف الضمير في قولهم: السمن منوان بدرهم، أي: منوان منه بدرهم (?)، وقوله: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (?) أي: ذلك منه، لذلك قال أبو الفتح: فكأن (به) المتقدمة في الصلة من قوله تعالى: {نُمِدُّهُمْ بِهِ} صارت عوضًا من اللفظ بها ثانية، انتهى كلامه (?).
والثاني: محذوف، أي: مجازاة أو خيرًا ونحو ذلك مما يدل عليه معنى {نُسَارِعُ. . .} الآية.
وفيه وجه ثالث: وهو قول هشام (?): إن (ما) في قوله: {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} هي الخيرات بعينها، وليس في الكلام حذف، لأن معنى {فِي الْخَيْرَاتِ}: فيه، فوضع الظاهر موضع المضمر، كقولك: إن زيدًا تكلم عمرو في زيد، أي: فيه، وصاحب الكتاب - رحمه الله - لا يجيز هذا في حال السعة والاختيار، بل في النظم كقوله:
467 - لَا أَرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيْءٌ ... نَغَّصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرا (?)