التغليب (?)، كقولك: أتاني زيدٌ وجُمَلٌ راكبين. أي: دائبين مستمرين على إصلاح ما يصلحانه من النبات والحيوان وغيرهما لا يفتران، والدؤوب: مرور الشيء في العمل على عادته، والدَّأْبُ: العادةُ، يقال: دَأَبَ يَدْأبُ دَأبًا ودُؤوبًا، وقد ذكر (?).
{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)}:
قوله عز وجل: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} الجمهور على ترك التنوين في {كُلِّ} على الإضافة، والمفعول الثاني للإيتاء على مذهب صاحب الكتاب - رحمه الله - محذوفٌ أي: وآتَاكم من كل ما سألتموه شيئًا، أو وآتاكم ما ساغ إيتاؤه إياكم منه نظرًا في مصالحكم. كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (?) أي: وأوتيت من كل شيء شيئًا.
وأما على رأي أبي الحسن - رحمه الله - تعالى فالمفعول الثاني هو {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} و (مِن) صلة، أي: وآتاكم كل ما سألتموه وما لم تسألوه، لأن الله عز وجل آتى العباد أشياء ما طلبوها منه ولا عرفوها، وإنما حذف للعلم به، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (?) أي: وتقيكم البرد.
و(ما) في قوله: {مِنْ كُلِّ مَا} تحتمل أن تكون مصدرية، أي: وآتاكم من كل سُؤْلِكم، فيكون الذكر في قوله: {سَأَلْتُمُوهُ} يعود إلى الله عز اسمه، لأن (ما) إذا كانت مصدرية لم تحتج إلى عائد. وأن تكون موصوفة وما بعدها صفتها. وأن تكون موصولة وما بعدها صلتها، والضمير راجع إليها