والثاني: أن يكون بمعنى صيَّر، فيجري مجرى أفعال القلوب، فيتعدى إلى مفعولَين، فيكون المفعول الثاني {فِي ظُلُمَاتٍ}، [كأنه قيل: هم في ظلمات] (?)، ثم دخل {تَرَكَ} فنصب الجزأين، فـ {فِي} لا على هذا أيضًا يتعلق بمحذوفٍ.
و{لَا يُبْصِرُونَ}: في موضع نصب على الحال من الهاء والميم في {وَتَرَكَهُمْ}، أي: تركهم غير مبصرين شيئًا. وقيل: مفعوله من قبيل المتروك المُطَّرَحِ الذي لا يُلْتفتُ إلى إخطاره (?) بالبال، لا من قبيل المقدر المنوي، كأن الفعل غير متعدٍ أصلًا، نحو: {يَعْمَهُونَ} في قوله: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (?).
وجُوّز أن يكون {لَا يُبْصِرُونَ} هو المفعول الثاني لـ {تَرَكَ} على الوجه الثاني، و {فِي ظُلُمَاتٍ} ظرف يتعلق بـ (تركهم)، أو بـ {يُبْصِرُونَ}، وأن يكون حالًا من الضمير في {لَا يُبْصِرُونَ}، أو من المفعول الأول متعلقًا بمحذوف (?).
وظلمات: جمع ظلمة، والظلمة عدم النور، وقيل: اشتقاقها من قولهم: ما ظلمك أن تفعل كذا؟ أي: ما منعك وشغلك؟ لأنها تسد البصر، وتمنع الرؤية، وفيها ثلاث لغات: ظُلُمات بضم اللام على الإتباع، وإنما حرك للفرق بين الاسم والصفة، فحرك الاسم لخفته، وسكِّن النعت لثقله، وظُلَمات بفتحها، وظُلْمات بتسكينها استثقالًا للضمة عليها، وقد قرئ بهن (?).