ومنه قوله: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} (?)، ولتقارب المعنيين جُمع بينهما في قوله: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} (?).
فإن قلت: هل يجوز أن يكون (ما) في قوله: {مَا لَمْ نُمَكِّنْ} مفعولًا ثانيًا لقوله: {مَكَّنَّا} على تضمين مكنا معنى أعطينا؟ قلت: نعم قد جوز ذلك (?).
والمعنى: لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عادًا وثمودًا (?) وغيرهم من البَسْطَةِ في الأجسام، والسعة في الأموال، وغير ذلك.
وقوله: {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} السماء هنا يحتمل أن تكون المظلة؛ لأن الماء ينزل منها إلى السحاب، وأن تكون السحاب، وأن تكون المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم (?). قال الشاعر:
195 - إذا سَقَطَ السماءُ بأرضِ قومٍ ... رعيناهُ وإن كانُوا غِضَابَا (?)
وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (?).
و{مِدْرَارًا}: نصب على الحال من {السَّمَاءَ}، والمدرار: المغزار، ومفعال من أسماء المبالغة، يقال: دِيمة مدرار، إذا كان مطرها غزيرًا، كقولهم: امرأة مذكار، إذا كانت كثيرة الولادة للذكور، وكذلك مئناث في الإِناث (?).