وقوله: فتى لو يباري الشمس، يقول: يعارض، يقال: انبرى لي فلان، أي اعترض [لي1] في المعنى، وفلان يباري الريح، من هذا أي يعارض الريح بجوده، فهذا غير مهموز. فأما: بارأت الكري فهو مهموز، لأنه من أبرأني وأبرأته. ويقال: برأ فلان من مرضه، برئ يا فتى؛ والمصدر منهما البرء فاعلم، وبريت القلم غير مهموز، الله البارئ المصور. ويقال: ما برأ الله مثل فلان، مهموز، وقولك: البرية، أصله من الهمز، ويختار فيه تخفيف الهمز، ولفظ التخفيف والبدل واحد، وكذلك يختار في النبي التخفيف، ومن جعل التخفيف لازماً قال في جمعه: أنبياء، كما يفعل بذوات الياء والواو، وتقول: وصي وأوصياء، وتقي وأتقياء، وشقي وأشقياء، ومن همز الواحد قال في الجميع: نباء، لأنه غير معتل، كما تقول: حكيم وحكماء، وعليم وعلماء وأنبياء لغة القرآن والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال العباس بن مرداس السلمي:
يا خاتم النباء إنك مرسل ... بالحق كل هدى السبيل هداكاً 2
وقوله:
أو القمر الساري لألقى المقالدا
إنما سكن3 الياء ضرورة، وإنما جاز ذلك لأن هذه الياء تسكن في الرفع والخفض، فإذا احتاج الشاعر إلى إسكانها في النصب قاس هذه الحركة على الحركتين: الضمة والكسرة الساقطتين، فشبهها بهما، فجعلها كالألف التي في: مثنى التي هي على هيئة واحدة في جميع الإعراب، قال النابغة:
ردت عله أقاصيه ولبده ... ضرب الوليدة يا مسحاة في الثأد4
فأسكن الياء في: أقاصيه. وقال رؤبة:
كأن أيديهن بالقاع القرق5 ... أيدي جوار يتعاطين الورق 6