عطفت على أسراره فكسوتها ... ثياباً من الكتمانٍ لا تتخرق
فمن تكنِ الأسرار تطفو بصدره ... فأسرارُ صدري بالأحاديث تغرقُ
فلا تودعن الدهر سرك أحمقاً ... فإنك إن أودعته منه أحمقُ
وحسبكَ في سترِ الأحاديث واعظاً ... من القول ما قال الأريبُ الموفقُ:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... فصدرُ الذي يستودعُ السر أضيقُ
وقال كعب بن سعدٍ الغنوي:
ولست بمبدٍ للرجال سريرتي ... ولا أنا1 عن أسرارهم بسئولِ
ولا أنا يوماً للحديث سمعتهُ ... إلى هاهنا من هاهنا بنقولِ2
وقد ذكرنا قول العباس بن عبد المطلب رحمه الله لابنه عبد الله: ن ذا الرجل قد اختصك دون أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاحفظ عني ثلاثاً: لا يجربن الرجل عليك كذباً، ولا تفشين له سراً، ولا تغتب عنده أحداً. فقيل لابن عباس: كل واحدةٍ منهن خيرٌ من ألفِ دينارٍ، فقال: كل واحدةٍ منهن خيرٌ من عشرةِ آلافٍ.
وقال بعض المحدثين:
لي حيلةٌ فيمن ينم ... وليس في الكذاب حيلهْ
من كان يكذبُ ما يري ... د فحيلتي فيه قليلهْ3
وقال آخر [قال أبو الحسن: هو أبو العباس المبرد] :
إن النموم أغطي دونه خبري ... وليس لي حيلةٌ في مفتري الكذبِ
وقال بعض المحدثين:
كتمت الهوى حتى إذا نطقت به ... بوادر من دمعِ يسيل على خدي4
وشاع الذي أضمرت من غير منطقٍ ... كأن ضمير القلب يرشح من جلدي