ودخل الشيخ على عثمان مقتولاٌ فوطىء بطنه، فكسر ضلعين من أضلاعه، فقال ردوه! فلما رد قال الحجاج: أيها الشيخ، هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بدلاٌ يوم الدار! إن في قتلك أيها الشيخ لصلاحاٌ للمسلمين: يا حرسي، اضربن عنقه. فجعل الرجل يضيق عليه أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، ففي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الأسدي1:
تجهز فإما أن تزور ابن ضابىءٍ ... عميراٌ وإما أن تزور المهلبا
هما خطتا خسفٍ نجاؤك منهما ... ركوبك حوليا من الثلج أشهبا2
فأضحى ولو كانت خراسان دونه3 ... رآها مكان السوق أو هي أقربا
قوله: "أنا ابن جلا"، إنما يريد المنكشف الأمر، ولم يصرف "جلا" لأنه أرادالفعل فحكى، والفعل إذا كان فاعله مضمراٌ أو مظهراٌ لم يكن إلاحكاية، كقولك: تأبط شرأ، وكماقال الشاعر:
كذبتم وبيت الله لاتأخذونها ... بني شاب قرناها تصر وتحلب
وتقول: قرأت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} 4 لأنك حكيت، وكذلك الابتداء، تقول: قرأت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
وقال الشاعر:
والله ما زيد بنام صاحبه5
وقوله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
لسحيم بن الرياحي، وإنما قاله الحجاج متمثلاً.
وقوله: "وطلاع الثنايا" الثنايا: جمع ثنيةو الثنية: الطريق في الجبل.