وفي بعض المصاحف: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} 1 وإنما قال عمر رضي الله عنه ذلك لما جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ملعون ملعون من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه"، فلما كانت معه الإقامة على هذا لم يرى للشهادة موضعاً.
وقوله: " ودرأ بالبينات والأيمان" إنما هو دفع، من ذلك قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إدرأوا الحدود بالشبهات"، وقال الله عز وجل: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 2 وقال: {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} 3 أي تدافعتم.
وأما قوله: "وإياك والغلق والضجر" فإنه ضيق الصدر، وقلة الصبر، يقال في سوء الخلق: رجل غلق، وأصل ذلك من قولهم4: غلق الرهن أي لم يوجد به تخلص وأغلقت الباب من هذا، قال زهير:
وفارقتك برهنٍ لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
وقوله: "ومن تخلق للناس"، يقول: أظهر للناس في خلقه خلاف نيته.
وقوله: "تخلق" يريد أظهر5 مثل تجمل يريد أظهر جمالاً وتصنع، وكذلك تجبر، إنما تأويله الإظهار، أي أظهر جبرية، وإن شئت جبروتاً، وإن شئت جبروتي "وإن شئت جبروة" 6. ومن كلام العرب على هذا الوزن: رهبوتى خير لك من رحموتى، أي" 7ترهب خير لك من أن ترحم7". قال أبو العباس وأنشدونا عن أبي زيد8: