شجاعته، وكان الحجاج1 إذا ظن برجل أن نفسه قد أعجبته قال له: لو كنت سعد بن نجد القردوسي ما عدا - وقردوس من الأزد.
فخرج أمام المغيرة، وتبع المغيرة جماعة من فرسان المهلب، فالتقوا، وأما الخوارج غلام جامع السلاح، مديد القامة، كريه الوجه، شديد الحملة، صحيح الفروسية، فأقبل يحمل على الناس وهو يقول:
نحن صبحناكم غداة النحر ... بالخيل أمثال الوشيج تجري2
فخرج إليه سعد بن نجد القردوسي من الأزد، ثم تجاولا ساعة، فطعنه سعد فقتله، والتقى الناس، فصرع يومئذ المغيرة، فحامى عليه سعد بن نجد وذبيان السختياني وجماعة من الفرسان حتى ركب، وانكشف الناس عند سقطة المغيرة، حتى صاروا إلى أبيه المهلب، فقالوا: قتل المغيرة، ثم أتاه ذبيان السختياني، فأخبره بسلامته، فأعتق كل مملوك كان بحضرته.
ووجه الحجاج الجراح بن عبد الله إلى المهلب يستبطئه في مناجزة القوم، وكتب إليه: أما بعد، فإنك جبيت الخراج بالعلل، وتحصنت بالخنادق، وطاولت القوم وأنت أعز ناصراً، وأكثر عدداً، وما أظن بك مع هذا معصية ولا جبناً، ولكنك اتخذت أكلاً3، وكان بقاؤهم أيسر عليك من قتالهم، فناجزهم وإلا أنكرتني، والسلام.
فقال المهلب للجراح: يا أبا عقبة، والله ما تركت جيلة إلا احتلتها، ولا مكيدة إلا أعملتها، وما العجب من إبطاء النصر وتراخي الظفر، ولكن العجب أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره! ثم ناهضهم ثلاثة أيام، يغاديهم القتال، ولا يزالوا كذلك إلى العصر، وينصرف4 أصحابه وبهم قرح، وبالخوارج قرح وقتل، فقال [له الجراح5] : قد أعذرت.