دِرْهَمٍ، فَلَامَهُ النَّاسُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ عَدَدًا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.

وَكَانَ سَبَبُ تَسْلِيمِهَا إِلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ اسْتِيلَاءَ أُمَّتِهِ عَلَى مُلْكِ فَارِسَ وَالْحِيرَةِ - سَأَلَهُ شُوَيْلٌ أَنْ يُعْطَى كَرَامَةَ ابْنَةَ عَبْدِ الْمَسِيحِ، وَكَانَ رَآهَا شَابَّةً فَمَالَ إِلَيْهَا، فَوَعَدَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، فَلَمَّا فُتِحَتِ الْحِيرَةُ طَلَبَهَا وَشَهِدَ لَهُ شُهُودٌ بِوَعْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ خَالِدٌ.

وَصَالَحَهُمْ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَتِسْعِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: عَلَى مِائَتَيْ أَلْفٍ وَتِسْعِينَ أَلْفًا، وَأَهْدَوْا لَهُ هَدَايَا. فَبَعَثَ بِالْفَتْحِ وَالْهَدَايَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْجَزَاءِ، وَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ بَقِيَّةَ الْجِزْيَةِ، وَيَحْسِبَ لَهُمُ الْهَدِيَّةَ.

وَكَانَ فَتْحُ الْحِيرَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَكَتَبَ لَهُمْ خَالِدٌ كِتَابًا، فَلَمَّا كَفَرَ أَهْلُ السَّوَادِ ضَيَّعُوا الْكِتَابَ، فَلَمَّا افْتَتَحَهُ الْمُثَنَّى ثَانِيَةً عَادَ بِشَرْطٍ آخَرَ، فَلَمَّا عَادُوا كَفَرُوا، وَافْتَتَحَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَوَضَعَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ.

قَالَ خَالِدٌ: مَا لَقِيتُ قَوْمًا كَأَهْلِ فَارِسَ، وَمَا لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ كَأَهْلِ أُلَّيْسَ.

ذِكْرُ مَا بَعْدُ الْحِيرَةِ

قِيلَ: كَانَ الدَّهَاقِينُ يَتَرَبَّصُونَ بِخَالِدٍ وَيَنْظُرُونَ مَا يَصْنَعُ أَهْلُ الْحِيرَةِ، فَلَمَّا صَالَحَهُمْ وَاسْتَقَامُوا لَهُ أَتَتْهُ الدَّهَاقِينُ مِنْ تِلْكَ النَّوَاحِي، أَتَاهُ دَهْقَانُ فُرَاتٍ سِرْيَا وَصَلُوبَا ابْنُ نَسْطُونَا وَنَسْطُونَا، فَصَالَحُوهُ عَلَى مَا بَيْنَ الْفَلَالِيجِ إِلَى هُرْمُزْجَرْدَ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفٍ، وَقِيلَ: أَلْفُ أَلْفٍ سِوَى مَا كَانَ لِآلِ كِسْرَى، وَبَعَثَ خَالِدٌ عُمَّالَهُ وَمَسَالِحَهُ، وَبَعَثَ ضِرَارَ بْنَ الْأَزْوَرِ، وَضِرَارَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَالْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو، وَالْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ، وَعُتَيْبَةَ بْنَ النَّهَّاسِ، فَنَزَلُوا عَلَى السِّيبِ، وَهُمْ كَانُوا أُمَرَاءَ الثُّغُورِ مَعَ خَالِدٍ، وَأَمَرَهُمْ بِالْغَارَةِ، فَمَخَرُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ إِلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ، وَكَتَبَ خَالِدٌ إِلَى أَهْلِ فَارِسَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَجَابُوا وَإِلَّا حَارَبَهُمْ، فَكَانَ الْعَجَمُ مُخْتَلِفِينَ بِمَوْتِ أَرْدَشِيرَ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَدْ أُنْزِلُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015