[وَدَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ] [غَزْوَةُ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيِّ بَنِي الْمُلَوَّحِ]
8 -
وَدَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ
فِيهَا تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ.
غَزْوَةُ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيِّ بَنِي الْمُلَوَّحِ
وَفِيهَا كَانَتْ سَرِيَّةُ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيِّ الْكَلْبِيِّ، كَلْبِ اللَّيْثِ، إِلَى بَنِي الْمُلَوَّحِ، فَلَقِيَهُ الْحَارِثُ بْنُ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيُّ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِأَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ غَالِبٌ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَلَنْ يَضُرَّكَ رِبَاطُ لَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ. وَوَكَلَ بِهِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ لَهُ: إِنْ نَازَعَكَ فَخُذْ رَأَسَهُ، وَأَمَرَهُ بِالْمُقَامِ إِلَى أَنْ يَعُودَ، ثُمَّ سَارُوا حَتَّى أَتَوْا بَطْنَ الْكَدِيدِ، فَنَزَلُوا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَأَرْسَلُوا جُنْدُبَ بْنَ مَكِيثٍ الْجُهَنِيَّ رَبِيئَةً لَهُمْ. قَالَ: فَقَصَدْتُ تَلًّا هُنَاكَ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ لِي مِنْهُمْ رَجُلٌ فَرَآنِي مُنْبَطِحًا، فَأَخَذَ قَوْسَهُ وَسَهْمَيْنِ فَرَمَانِي بِأَحَدِهِمَا، فَوَضَعَهُ فِي جَنْبِي. قَالَ: فَنَزَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، ثُمَّ رَمَانِي بِالثَّانِي فِي رَأْسِ مَنْكِبِي، قَالَ: فَنَزَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ رَبِيئَةً لَتَحَرَّكَ. قَالَ: فَأَمْهَلْنَاهُمْ حَتَّى رَاحَتْ مَوَاشِيهِمْ وَاحْتَلَبُوا، فَشَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ، وَاسْتَقْنَا مِنْهُمُ النَّعَمَ وَرَجَعْنَا سِرَاعًا. وَأَتَى صَرِيخُ الْقَوْمِ، فَجَاءَنَا مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا إِلَّا بَطْنُ الْوَادِي مِنْ قُدَيْدٍ بَعَثَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ سَحَابًا، مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا مِثْلَهُ، فَجَاءَ الْوَادِي بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَجُوزُهُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَتَقَدَّمُ، وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. وَكَانَ شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ: أَمِتْ أَمِتْ، وَكَانَ عِدَّتُهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا.