622 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ حَصْرِ الْكُرْجِ مَدِينَةَ كَنْجَةَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَتِ الْكُرْجُ فِي جُمُوعِهَا إِلَى مَدِينَةِ كَنْجَةَ مِنْ بِلَادِ أَرَّانَ قَصْدًا لِحَصْرِهَا، وَاعْتَدُّوا لَهَا بِمَا أَمْكَنَهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ ; لِأَنَّ أَهْلَ كَنْجَةَ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، قَوِيَّةٌ شَوْكَتُهُمْ، وَعِنْدَهُمْ شَجَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ طُولِ مُمَارَسَتِهِمْ لِلْحَرْبِ مَعَ الْكُرْجِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهَا وَنَازَلُوهَا، قَاتَلُوا أَهْلَهَا عِدَّةَ أَيَّامٍ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ، لَمْ يَظْهَرْ مِنْ أَهْلِهَا أَحَدٌ، ثُمَّ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ خَرَجَ أَهْلُ كَنْجَةَ وَمَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَسْكَرِ مِنَ الْبَلَدِ، وَقَاتَلُوا الْكُرْجَ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ أَشَدَّ قِتَالٍ وَأَعْظَمَهُ، فَلَمَّا رَأَى الْكُرْجُ ذَلِكَ، عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِالْبَلَدِ، فَرَحَلُوا بَعْدَ أَنْ أَثْخَنَ أَهْلُ كَنْجَةَ فِيهِمْ {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [الأحزاب: 25] .
ذِكْرُ وُصُولِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ إِلَى خُوزِسْتَانَ وَالْعِرَاقِ.
فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ جَلَالُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمَ شَاهْ مُحَمَّدُ بْنُ تُكَشَ إِلَى بِلَادِ خُوزِسْتَانَ وَالْعِرَاقِ، وَكَانَ مَجِيئُهُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ ; لِأَنَّهُ كَانَ وَصَلَ إِلَيْهَا لَمَّا قَصَدَ التَّتَرُ غَزْنَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ جَمِيعَهُ، فَلَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمَقَامُ بِبِلَادِ الْهِنْدِ، سَارَ عَنْهَا عَلَى كِرْمَانَ، وَوَصَلَ إِلَى أَصْفَهَانَ وَهِيَ بِيَدِ أَخِيهِ غِيَاثِ الدِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَخْبَارُهُ، فَمَلَكَهَا وَسَارَ عَنْهَا إِلَى بِلَادِ فَارِسَ، وَكَانَ أَخُوهُ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى بَعْضِهَا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَأَعَادَ مَا كَانَ أَخُوهُ أَخَذَهُ مِنْهَا إِلَى أَتَابِكَ سَعْدٍ صَاحِبِهَا، وَصَالَحَهُ وَسَارَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى خُوزِسْتَانَ، فَحَصَرَ مَدِينَةَ تُسْتَرَ فِي الْمُحَرَّمِ، وَبِهَا الْأَمِيرُ مُظَفَّرُ الدِّينِ الْمَعْرُوفُ بِوَجْهِ