عَائِدًا إِلَى بَلَدِهِ، وَأَقَامَ عَلَى [الزَّابِ] ، وَمُدَّةُ مُقَامِهِ عَلَى الْمَوْصِلِ لَمْ يُقَاتِلْهَا، إِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ يَجِيءُ بَعْضُ الْيَزَكِ الَّذِينَ لَهُ يُقَاتِلُونَ الْبَلَدَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ بَعْضُ الْفُرْسَانِ، وَبَعْضُ الرَّجَّالَةِ، فَيَجْرِي بَيْنَهُمْ قِتَالٌ لَيْسَ بِالْكَثِيرِ ثُمَّ يَتَفَرَّقُونَ، وَتَرْجِعُ كُلُّ طَائِفَةٍ إِلَى صَاحِبِهَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوَّلَ آبَ، جَاءَ بِبَغْدَادَ مَطَرٌ بِرَعْدٍ وَبَرْقٍ، وَجَرَتِ الْمِيَاهُ بِبَابِ الْبَصْرَةِ وَالْحَرْبِيَّةِ، وَكَذَلِكَ بِالْمُحَوَّلِ، بِحَيْثُ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَخُوضُونَ فِي الْمَاءِ وَالْوَحْلِ بِالْمُحَوَّلِ.
وَفِيهَا سَارَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ إِلَى بَعْقُوبَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَعَسَفَ أَهْلَهَا، فَنُقِلَ إِلَيْهِ عَنْ إِنْسَانٍ مِنْهَا أَنَّهُ يَسُبُّهُ، فَأَحْضَرَهُ وَأَمَرَ بِمُعَاقَبَتِهِ، وَقَالَ لَهُ: لِمَ تَسُبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: أَنْتُمْ تَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لِأَجْلِ أَخْذِهِمَا فَدَكَ، وَهِيَ عَشْرُ نَخَلَاتٍ لِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - وَأَنْتُمْ تَأْخُذُونَ مِنِّي أَلْفَ نَخْلَةٍ وَلَا أَتَكَلَّمُ؟ فَعَفَا عَنْهُ.
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِوَاسِطَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ عَلَى جَارِي عَادَتِهِمْ.
وَفِيهَا قَلَّتِ الْأَمْطَارُ فِي الْبِلَادِ، فَلَمْ يَجِئْ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَى شُبَاطَ، ثُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ تَجِيءُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ مَجِيئًا قَرِيبًا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ الرِّيُّ لِلزَّرْعِ، فَجَاءَتِ الْغَلَّاتُ قَلِيلَةً، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهَا الْجَرَادُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ النَّبَاتِ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْهَا، فَأَكَلَهَا إِلَّا الْقَلِيلَ، وَكَانَ كَثِيرًا خَارِجًا عَنِ الْحَدِّ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ فِي الْعِرَاقِ وَالْمَوْصِلِ، وَسَائِرِ دِيَارِ الْجَزِيرَةِ، وَدِيَارِ بَكْرٍ وَغَيْرِهَا، وَقَلَّتِ الْأَقْوَاتُ، إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْغَلَاءِ كَانَ بِالْمَوْصِلِ وَدِيَارِ الْجَزِيرَةِ.