الْفَرَسُ نَفْرَةً شَدِيدَةً، فَسَقَطَ عَنْهُ فَحُمِلَ إِلَى قَصْرِهِ وَقِيذًا، وَبَقِيَ أَيَّامًا، وَمَاتَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ خَيِّرًا، عَاقِلًا، حَسَنَ السِّيرَةِ كَرِيمًا جَوَادًا، كَثِيرَ الْإِحْسَانِ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ، وَالْمُجَالَسَةِ لَهُمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِهِ وَابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ أَخِيهِ شِيرِكُوهْ مَا لَا حَاجَةَ إِلَى إِعَادَتِهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ زَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً كَثِيرَةً أَشْرَفَتْ [بِهَا] بَغْدَادُ عَلَى الْغَرَقِ فِي شَعْبَانَ، وَسَدُّوا أَبْوَابَ الدُّرُوبِ، وَوَصَلَ الْمَاءُ إِلَى قُبَّةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَوَصَلَ إِلَى النِّظَامِيَّةِ وَرِبَاطِ شَيْخِ الشُّيُوخِ، وَاشْتَغَلَ النَّاسُ بِالْعَمَلِ فِي الْقَوْرَجِ، ثُمَّ نَقَصَ وَكَفَى النَّاسَ شَرَّهُ.
وَفِيهَا وَقَعَتِ النَّارُ بِبَغْدَادَ مِنْ دَرْبِ بَهْرُوزَ إِلَى بَابِ جَامِعِ الْقَصْرِ، وَمِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ حَجَرِ النُّحَاسِ إِلَى دَارِ أُمِّ الْخَلِيفَةِ.
وَفِيهَا أَغَارَ بَنُو حَزْنٍ مِنْ خَفَاجَةَ عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْحِمَايَةَ كَانَتْ لَهُمْ لِسَوَادِ الْعِرَاقِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ يَزْدَنُ مِنَ الْبِلَادِ وَتَسَلَّمَ الْحِلَّةَ أَخَذَهَا مِنْهُمْ، وَجَعَلَهَا لِبَنِي كَعْبٍ مِنْ خَفَاجَةَ، وَأَغَارَ بَنُو حَزْنٍ عَلَى السَّوَادِ، فَسَارَ يَزْدَنُ فِي عَسْكَرٍ وَمَعَهُ الْغَضْبَانُ الْخَفَاجِيُّ، وَهُوَ مِنْ بَنِي كَعْبٍ، لِقِتَالِ بَنِي حَزْنٍ، فَبَيْنَمَا هُمْ سَائِرُونَ لَيْلًا رَمَى بَعْضُ الْجُنْدِ الْغَضْبَانَ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ لِفَسَادِهِ، وَكَانَ فِي السَّوَادِ، فَلَمَّا قُتِلَ عَادَ الْعَسْكَرُ إِلَى بَغْدَادَ وَأُعِيدَتْ خِفَارَةُ السَّوَادِ إِلَى بَنِي حَزْنٍ.
وَفِيهَا خَرَجَ بُرْجُمُ الْإِيوَائِيُّ فِي جَمْعٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ، [فِي حَيَاةِ إِيلْدِكْزَ] ، وَتَطَرَّقَ أَعْمَالَ هَمَذَانَ، وَنَهَبَ الدِّينَوَرَ، وَاسْتَبَاحَ الْحَرِيمَ.