قُهُنْدُزَ، وَهَذِهِ الْفِتْنَةُ اسْتَأْصَلَتْ نَيْسَابُورَ، ثُمَّ رَحَلَ الْمُؤَيَّدُ أَيْ أَبَهْ عَنْهَا إِلَى بَيْهَقَ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ; كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحَوَادِثُ الْغُزِّيَّةُ الْوَاقِعَةُ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ مَذْكُورَةً فِي سَنَتِهَا، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَاهَا هَاهُنَا وَذَكَرْنَاهَا هَاهُنَا لِيَتْلُوَ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَكُونَ أَحْسَنَ لِسِيَاقَتِهَا.

ذِكْرُ مُلْكِ مَلِكْشَاهْ خُوزِسْتَانَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ مَلِكْشَاهْ ابْنُ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ بَلَدَ خُوزِسْتَانَ وَأَخَذَهُ مِنْ شَمْلَةَ التُّرْكُمَانِيِّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَلِكَ مُحَمَّدًا ابْنَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ لَمَّا عَادَ مِنْ حِصَارِ بَغْدَادَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، مَرِضَ وَبَقِيَ مَرِيضًا بِهَمَذَانَ، وَمَضَى أَخُوهُ مَلِكْشَاهْ إِلَى قُمَّ وَقَاشَانَ وَمَا وَالَاهَا، فَنَهَبَهَا جَمِيعَهَا، وَصَادَرَ أَهْلَهَا وَجَمَعَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً ; فَرَاسَلَهُ أَخُوهُ مُحَمَّدُ شَاهْ يَأْمُرُهُ بِالْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ لِيَجْعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ فِي الْمُلْكِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَمَضَى إِلَى أَصْفَهَانَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا أَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى ابْنِ الْخُجَنْدِيِّ وَأَعْيَانِ الْبَلَدِ فِي تَسْلِيمِ الْبَلَدِ إِلَيْهِ، فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَقَالُوا: لِأَخِيكَ فِي رِقَابِنَا يَمِينٌ، وَلَا نَغْدِرُ بِهِ، فَحِينَئِذٍ شَرَعَ مَلِكْشَاهْ فِي الْفَسَادِ وَالْمُصَادَرَةِ لِأَهْلِ الْقُرَى.

فَلَمَّا سَمِعَ مُحَمَّدُ شَاهْ الْخَبَرَ سَارَ عَنْ هَمَذَانَ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ كُرْدُ بَازُوهْ الْخَادِمُ، فَتَفَرَّقَتْ جُمُوعُ مَلِكْشَاهْ فَانْهَزَمَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلَمْ يَتْبَعْهُ مُحَمَّدُ شَاهْ لِمَرَضِهِ، فَنَزَلَ مَلِكْشَاهْ عِنْدَ قَرْمَسِينَ، فَلَحِقَ بِهِ قُوَيْدَانُ، وَكَانَ قَدْ فَارَقَ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ، وَاتَّفَقَ مَعَ سُنْقُرَ الْهَمَذَانِيِّ، فَلَحِقَ كِلَاهُمَا بِهِ، وَحَسَّنَا لَهُ قَصْدَ بَغْدَادَ، فَسَارَ عَنْ بَلَدِ خُوزِسْتَانَ إِلَى وَاسِطَ، وَنَزَلَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَهُمْ عَلَى غَايَةِ الضُّرِّ مِنَ الْجُوعِ وَالْبَرْدِ، فَنَهَبُوا الْقُرَى نَهْبًا فَاحِشًا، فَفُتِحَ بَثْقٌ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ فَغَرِقَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ، وَنَجَا مَلِكْشَاهْ وَمَنْ سَلِمَ مَعَهُ، وَسَارُوا إِلَى خُوزِسْتَانَ، فَمَنَعَهُ شَمْلَةُ مِنَ الْعُبُورِ، فَرَاسَلَهُ لِيُمَكِّنَهُ مِنَ الْعُبُورِ إِلَى أَخِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015