وَقَدْ نَزَلَ الزَّمَانُ عَلَى رِضَاهُ
وَدَانَ لِخَطْبِهِ الْخَطْبُ الْعَظِيمُ ... فَحِينَ رَمَيْتَهُ بِكَ فِي خَمِيسٍ
تَيَقَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُومُ ... وَأَبْصَرَ فِي الْمَفَاضَةِ مِنْكَ
جَيْشًا فَأَحْرَبَ لَا يَسِيرُ وَلَا يُقِيمُ ... كَأَنَّكَ فِي الْعَجَاجِ شِهَابُ
نُورٍ تَوَقَّدَ وَهْوَ شَيْطَانٌ رَجِيمُ ... أَرَادَ بَقَاءَ مُهْجَتِهِ فَوَلَّى
وَلَيْسَ سِوَى الْحِمَامِ لَهُ حَمِيمُ
وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، وَمِنْ عَجِيبِ مَا يُحْكَى أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ لَمَّا عَزَمَ عَلَى حَصْرِ شَيْزَرَ سَمِعَ مَنْ بِهَا ذَلِكَ، فَقَالَ الْأَمِيرُ مُرْشِدُ بْنُ عَلِيٍّ أَخُو صَاحِبِهَا وَهُوَ يَفْتَحُ مُصْحَفًا:
اللَّهُمَّ بِحَقِّ مَنْ أَنْزَلْتَهُ عَلَيْهِ إِنْ قَضَيْتَ بِمَجِيءِ مَلِكِ الرُّومِ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ! فَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَيَّامٍ.
ذِكْرُ حَرْبٍ بَيْنَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ وَالْمَلِكِ دَاوُدَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ
لَمَّا فَارَقَ الرَّاشِدُ بِاللَّهِ أَتَابَكْ زَنْكِي مِنَ الْمَوْصِلِ سَارَ نَحْوَ أَذْرَبِيجَانَ، فَوَصَلَ مَرَاغَةَ، وَكَانَ الْأَمِيرُ مَنْكُبِرْسُ صَاحِبُ فَارِسَ، وَنَائِبُهُ بِخُوزِسْتَانَ الْأَمِيرُ بُوزَابَةُ، وَالْأَمِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ طَغَايَرْكُ صَاحِبُ خَلْخَالَ، وَالْمَلِكُ دَاوُدُ ابْنُ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، مُسْتَشْعِرِينَ مِنَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، خَائِفِينَ مِنْهُ، فَتَجَمَّعُوا، وَوَافَقُوا الرَّاشِدَ عَلَى الِاجْتِمَاعِ مَعَهُمْ لِتَكُونَ أَيْدِيهِمْ وَاحِدَةً، وَيَرُدُّوهُ إِلَى الْخِلَافَةِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُمْ.
وَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ وَهُوَ بِبَغْدَادَ بِاجْتِمَاعِهِمْ، فَسَارَ عَنْهَا فِي شَعْبَانَ