دَارَا فَمَلَكَهَا، وَهِيَ مِنِ الْقِلَاعِ فِي تِلْكَ الْأَعْمَالِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْآمِرِ، وَخِلَافَةِ الْحَافِظِ الْعَلَوِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثَانِي ذِي الْقَعْدَةِ، قُتِلَ الْآمِرُ بِأَحْكَامِ اللَّهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمُسْتَعْلِي الْعَلَوِيُّ، صَاحِبُ مِصْرَ، خَرَجَ إِلَى مُنْتَزَهٍ لَهُ، فَلَمَّا عَادَ وَثَبَ عَلَيْهِ الْبَاطِنِيَّةُ فَقَتَلُوهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ سَيِّئَ السِّيرَةِ فِي رَعِيَّتِهِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَعُمْرُهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ وَلَدِ الْمَهْدِيِّ عُبَيْدِ اللَّهِ الَّذِي ظَهَرَ بِسِجِلْمَاسَةَ وَبَنَى الْمَهْدِيَّةَ بِإِفْرِيقِيَّةِ، وَهُوَ أَيْضًا الْعَاشِرُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَلَوِيِّينَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَهْدِيِّ أَيْضًا.
وَلَمَّا قُتِلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَهُ، فَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُ عَمِّهِ الْمَيْمُونُ عَبْدُ الْمَجِيدِ ابْنُ الْأَمِيرِ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ، وَلَمْ يُبَايَعْ بِالْخِلَافَةِ وَإِنَّمَا بُويِعَ لَهُ لِيَنْظُرَ فِي الْأَمْرِ نِيَابَةً، حَتَّى يُكْشَفَ عَنْ حَمْلٍ إِنْ كَانَ لِلْآمِرِ فَتَكُونُ الْخِلَافَةُ فِيهِ، وَيَكُونُ هُوَ نَائِبًا عَنْهُ.
وَمَوْلِدُ الْحَافِظِ بِعَسْقَلَانَ، لِأَنَّ أَبَاهُ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ إِلَيْهَا فِي الشِّدَّةِ فَأَقَامَ بِهَا، فَوُلِدَ ابْنَهُ عَبْدُ الْمَجِيدِ هُنَاكَ، وَلَمَّا وَلِيَ اسْتَوْزَرَ أَبَا عَلِيٍّ أَحْمَدَ بْنَ الْأَفْضَلِ بْنِ بَدْرٍ الْجَمَالِيِّ، وَاسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ، وَتَغَلَّبَ عَلَى الْحَافِظِ وَحَجَرَ عَلَيْهِ، وَأَوْدَعَهُ فِي خِزَانَةٍ، وَلَا يَدْخُلُ إِلَيْهِ إِلَّا مَنْ يُرِيدُهُ أَبُو عَلِيٍّ، وَبَقِيَ الْحَافِظُ لَهُ اسْمٌ لَا مَعْنًى تَحْتَهُ، وَنَقَلَ أَبُو عَلِيٍّ كُلَّ مَا كَانَ فِي الْقَصْرِ إِلَى دَارِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ قُتِلَ أَبُو عَلِيٍّ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ [وَخَمْسِمَائَةٍ] فَاسْتَقَامَتْ أُمُورُ الْحَافِظِ، وَحَكَمَ فِي دَوْلَتِهِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ وِلَايَتِهِ وَبِلَادِهِ.