وَزِيرُ السُّلْطَانِ، بِوَكَالَةٍ مِنَ الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ الصَّدَاقُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَنُثِرَتِ الْجَوَاهِرُ وَالدَّنَانِيرُ، وَكَانَ الْعَقْدُ بَأَصْبَهَانَ.
وَفِيهَا تَوَلَّى مُجَاهِدُ الدِّينِ بَهْرُوزَ شِحْنَكِيَّةَ بَغْدَاذَ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ مُحَمَّدًا كَانَ قَبَضَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، صَاحِبِ الْمَخْزَنِ، وَعَلَى أَبِي الْفَرَجِ بْنِ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَاعْتَقَلَهُمَا عِنْدَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُمَا الْآنَ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِمَا مَالًا يَحْمِلَانِهِ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ مُجَاهِدُ الدِّينِ بَهْرُوزَ لِقَبْضِ الْمَالِ، وَأَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِعِمَارَةِ دَارِ الْمَمْلَكَةِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَعَمَّرَ الدَّارَ، وَأَحْسَنَ إِلَى النَّاسِ، فَلَمَّا قَدِمَ السُّلْطَانُ إِلَى بَغْدَاذَ وَلَّاهُ شِحْنَكِيَّةَ الْعِرَاقِ جَمِيعِهِ، وَخَلَعَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْعُمَرِيِّ، صَاحِبِ جَيْشِ صَدَقَةَ، وَوَلَّاهُ الْحِلَّةِ السَّيْفِيَّةَ، وَكَانَ صَارِمًا، حَازِمًا، ذَا رَأْيٍ وَجَلَدٍ.
وَفِيهَا، فِي شَوَّالٍ، مَلَكَ الْأَمِيرُ سُكْمَانُ الْقُطْبِيُّ، صَاحِبُ خِلَاطَ، مَدِينَةَ مَيَّافَارِقِينَ بِالْأَمَانِ، بَعْدَ أَنْ حَصَرَهَا وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا عِدَّةَ شُهُورٍ، فَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ بِهَا، وَاشْتَدَّ الْجُوعُ بِأَهْلِهَا فَسَلَّمُوهَا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، قُتِلَ قَاضِي أَصْبَهَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبِيُّ بِهَمَذَانَ، وَكَانَ قَدْ تَجَرَّدَ، فِي أَمْرِ الْبَاطِنِيَّةِ، تَجَرُّدًا عَظِيمًا، وَصَارَ يَلْبَسُ دِرْعًا حَذَرًا مِنْهُمْ، وَيَحْتَاطُ، وَيَحْتَرِزُ، فَقَصَدَهُ إِنْسَانٌ عَجَمِيٌّ، يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَدَخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَقَتَلَهُ.
وَقُتِلَ صَاعِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْعَلَاءِ قَاضِي نَيْسَابُورَ، يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ، قَتَلَهُ بَاطِنِيٌّ، وَقُتِلَ الْبَاطِنِيُّ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ قَفْلٌ عَظِيمٌ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى مِصْرَ، فَأَتَى الْخَبَرُ إِلَى مَلِكِ