وَفِيهَا عَزَلَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ وَزِيرَهُ الْمُجِيرَ أَبَا الْفَتْحِ الطُّغَرَائِيَّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمِيرَ بَزْغَشَ، وَهُوَ أَصْفَهْسَلَارُ الْعَسْكَرِ السَّنْجَرِيُّ، أُلْقِيَ إِلَيْهِ مُلَطَّفٌ فِيهِ: لَا يَتِمُّ لَكَ أَمْرٌ مَعَ هَذَا السُّلْطَانِ، وَوَقَعَ إِلَى سَنْجَرَ، لَا يَتِمُّ لَكَ أَمْرٌ مَعَ الْأَمِيرِ بَزْغَشَ، مَعَ كَثْرَةِ جُمُوعِهِ، فَجَمَعَ بَزْغَشُ أَصْحَابَ الْعَمَائِمِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْمُلَطَّفَيْنِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى كَاتِبِ الطُّغَرَائِيِّ، وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ فَقُتِلَ، وَقَبَضَ سَنْجَرُ عَلَى الطُّغَرَائِيِّ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَمَنَعَهُ بَزْغَشُ، وَقَالَ لَهُ: حَقُّ خِدْمَةٍ، فَأَبْعَدَهُ إِلَى غَزْنَةَ، وَفِيهَا جَمَعَ بَزْغَشُ كَثِيرًا مِنْ عَسَاكِرِ خُرَاسَانَ، وَأَتَاهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ، وَسَارَ إِلَى قِتَالِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَقَصَدَ طَبَسَ، وَهِيَ لَهُمْ، فَخَرَّبَهَا وَمَا جَاوَرَهَا مِنَ الْقِلَاعِ وَالْقُرَى، وَأَكْثَرَ فِيهِمُ الْقَتْلَ، وَالنَّهْبَ، وَالسَّبْيَ، وَفَعَلَ بِهِمُ الْأَفْعَالَ الْعَظِيمَةَ، ثُمَّ إِنَّ أَصْحَابَ سَنْجَرَ أَشَارُوا بِأَنْ يُؤَمَّنُوا، وَيُشْرَطُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَبْنُونَ حِصْنًا، وَلَا يَشْتَرُونَ سِلَاحًا، وَلَا يَدْعُونَ أَحَدًا إِلَى عَقَائِدِهِمْ، فَسَخِطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ هَذَا الْأَمَانَ، وَهَذَا الصُّلْحَ، وَنَقَمُوهُ عَلَى سَنْجَرَ، ثُمَّ إِنَّ بَزْغَشَ، بَعْدَ عَوْدَتِهِ مِنْ هَذِهِ الْغَزَاةِ، تُوُفِّيَ، وَكَانَتْ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ الْجِهَادَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
[الْوَفَيَاتُ] وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ الطُّرَيْثِيثِيُّ، وَكَانَ صُوفِيًّا مُحَدِّثًا مَشْهُورًا.
وَفِي رَجَبٍ تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَاضِي الْكُوفَةِ، وَمَوْلِدُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ تَلَامِيذِ الْقَاضِي الدَّامَغَانِيِّ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ.