أَكَابِرَ عَسْكَرِ خُرَاسَانَ مِمَّنْ كَانَ يَخَافُهُ، وَيَخْشَى تَحَكُّمَهُ عَلَيْهِ، وَصَادَرَ وَزِيرَهُ عِمَادَ الْمُلْكِ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقَتَلَهُ، وَخَرَّبَ أَسْوَارَ مُدُنِ خُرَاسَانَ، وَمِنْهَا: سُورُ سِبْزَوَارَ، وَسُورُ مَرْوَ الشَّاهِجَانَ، وَقَلْعَةُ سَرْخَسَ، وَقَهَنْدَزُ نَيْسَابُورَ، وَسُورُ شَهْرَسْتَانَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، خَرَّبَهُ جَمِيعَهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، ثُمَّ إِنَّهُ قُتِلَ هَذِهِ السَّنَةَ كَمَا ذَكَرْنَا.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ عَسْكَرِ مِصْرَ عَلَى مَدِينَةِ صُورَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَصَلَ عَسْكَرٌ كَثِيرٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى ثَغْرِ صُورَ، بِسَاحِلِ الشَّامِ، فَحَصَرَهَا وَمَلِكَهَا.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَالِيَ بِهَا، وَيُعْرَفُ بِكُتَيْلَةَ، أَظْهَرَ الْعِصْيَانَ عَلَى الْمُسْتَعْلِي، صَاحِبِ مِصْرَ، وَالْخُرُوجَ عَنْ طَاعَتِهِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ جَيْشًا، فَحَصَرُوهُ بِهَا، وَضَيَّقُوا عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ جُنْدِيٍّ، وَعَامِّيٍّ، ثُمَّ افْتَتَحَهَا عَنْوَةً بِالسَّيْفِ، وَقُتِلَ بِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَنُهِبَ مِنْهَا الْمَالُ الْجَزِيلُ، وَأُخِذَ الْوَالِي أَسِيرًا بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ فَقُتِلَ بِهَا.
ذِكْرُ مَلْكِ بَرْكِيَارُقَ خُرَاسَانَ وَتَسْلِيمِهَا إِلَى أَخِيهِ سَنْجَرَ
كَانَ بَرْكِيَارُقُ قَدْ جَهَّزَ الْعَسَاكِرَ مَعَ أَخِيهِ الْمَلِكِ سَنْجَرَ، وَسَيَّرَهَا إِلَى خُرَاسَانَ لِقِتَالِ عَمِّهِ أَرْسِلَانَ أَرْغُوَنَ، وَجَعَلَ الْأَمِيرَ قَمَاجَ أَتَابِكَ سَنْجَرَ، وَرَتَّبَ فِي وِزَارَتِهِ أَبَا الْفَتْحِ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الطُّغْرَائِيَّ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الدَّامَغَانِ بَلَغَهُمْ خَبَرُ قَتْلِهِ، فَأَقَامُوا، حَتَّى لَحِقَهُمُ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ، وَسَارُوا إِلَى نَيْسَابُورَ فَوَصَلَ إِلَيْهِمْ خَامِسَ جُمَادَى الْأُولَى مِنَ السَّنَةِ وَمَلَكَهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْبِلَادِ الْخُرَاسَانِيَّةِ، وَسَارُوا إِلَى بَلْخَ.