سِرْسَامٌ، فَعُوفِيَ، وَبَقِيَ مُذْ كَسَرَهُ عَمُّهُ إِلَى أَنْ عُوفِيَ وَسَارَ عَنْ أَصْبَهَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يَتَحَرَّكْ عَمُّهُ، وَلَا عَمِلَ شَيْئًا، وَلَوْ قَصَدَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ وَقْتَ مَرَضِ أَخِيهِ لَمَلَكَ الْبِلَادَ:
وَلِلَّهِ سِرٌّ فِي عُلَاكَ وَإِنَّمَا ... كَلَامُ الْعِدَا ضَرْبٌ مِنَ الْهَذَيَانِ
ذِكْرُ حَالِ الْمَلِكِ رِضْوَانَ وَأَخِيهِ دُقَاقٍ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِمَا
كَانَ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشْ قَدْ أَوْصَى أَصْحَابَهُ بِطَاعَةِ ابْنِهِ الْمَلِكِ رِضْوَانٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الْجَبَلِ، قَبْلَ الْمَصَافِّ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَيُقِيمَ بِدَارِ الْمَمْلَكَةِ، فَسَارَ فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْهُمْ: إِيلَغَازِي بْنُ أَرْتِقَ، وَكَانَ قَدْ سَارَ إِلَى تُتُشْ، فَتَرَكَهُ عِنْدَ ابْنِهِ رِضْوَانٍ، وَمِنْهُمُ: الْأَمِيرُ وَثَّابُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ، وَغَيْرُهُمَا، فَلَمَّا قَارَبَ هَيْتَ بَلَغَهُ قَتْلُ أَبِيهِ، فَعَادَ إِلَى حَلَبَ، وَمَعَهُ وَالِدَتُهُ، فَمَلَكَهَا، وَكَانَ بِهَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَوَارِزْمِيُّ، قَدْ سَلَّمَهَا إِلَيْهِ تُتُشْ وَحَكَّمَهُ فِي الْبَلَدِ وَالْقَلْعَةِ.
وَلَحِقَ بِرِضْوَانَ - زَوْجُ أُمِّهِ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَيْتَكِينَ، وَكَانَ مَعَ تُتُشْ، فَسَلِمَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ، وَكَانَ مَعَ رِضْوَانَ أَيْضًا أَخَوَاهُ الصَّغِيرَانِ: أَبُو طَالِبٍ وَبِهْرَامُ، وَكَانُوا كُلُّهُمْ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ كَالْأَضْيَافِ لِتَحَكُّمِهِ فِي الْبَلَدِ، وَاسْتَمَالَ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ الْمَغَارِبَةَ، وَكَانُوا أَكْثَرَ جُنْدِ الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ نَادَوْا بِشِعَارِ الْمَلِكِ رِضْوَانَ، وَاحْتَاطُوا عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رِضْوَانٌ يُطَيِّبُ قَلْبَهُ، فَاعْتَذَرَ، فَقَبِلَ عُذْرَهُ، وَخُطِبَ لِرِضْوَانٍ عَلَى مَنَابِرِ حَلَبَ وَأَعْمَاِلِهَا، وَلَمْ يَكُنْ يُخْطَبُ لَهُ بَلْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ لِأَبِيهِ، بَعْدَ قَتْلِهِ، نَحْوَ شَهْرَيْنِ.
وَسَارَ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ فِي تَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ سِيرَةً حَسَنَةً، وَخَالَفَ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرَ يَاغِي