وَأَمَرَ بِنَفْيِ الْمُغَنِّيَاتِ، وَالْمُفْسِدَاتِ مِنْ بَغْدَاذَ، وَبَيْعِ دُورِهِنَّ، فَنُفِينَ، وَمَنَعَ النَّاسَ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَقَلَعَ الْهَرَادِيَّ، وَالْأَبْرَاجَ الَّتِي لِلطُّيُورِ، وَمَنَعَ مِنَ اللَّعِبِ بِهَا لِأَجْلِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حُرَمِ النَّاسِ، وَمَنَعَ مِنْ إِجْرَاءِ مَاءِ الْحَمَّامَاتِ إِلَى دِجْلَةَ، وَأَلْزَمَ أَرْبَابَهَا بِحَفْرِ آبَارٍ لِلْمِيَاهِ، وَأَمْرَ أَنَّ مَنْ يَغْسِلُ السَّمَكَ الْمَالِحَ يَعْبُرُ إِلَى النَّجْمِيِّ فَيَغْسِلُهُ هُنَاكَ، وَمَنَعَ الْمَلَّاحِينَ أَنْ يَحْمِلُوا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ مُجْتَمِعِينَ، وَكَانَ قَوِيَّ النَّفْسِ، عَظِيمَ الْهِمَّةِ مِنْ رِجَالِ بَنِي الْعَبَّاسِ.
ذِكْرُ خِلَافَةِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ
لَمَّا تُوُفِّيَ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، أُحْضِرَ وَلَدُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْمُسْتَظْهِرُ بِاللَّهِ، وَأُعْلِمَ بِمَوْتِهِ، وَحَضَرَ الْوَزِيرُ فَبَايَعَهُ، وَرَكِبَ إِلَى السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ، فَأَعْلَمَهُ الْحَالَ، وَأَخَذَ بَيْعَتَهُ لِلْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ مَوْتِ الْمُقْتَدِي أَظْهَرَ ذَلِكَ، وَحَضَرَ عِزُّ الْمُلْكِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ وَزِيرُ بَرْكِيَارُقَ، وَأَخُوهُ بَهَاءُ الْمُلْكِ، وَأُمَرَاءُ السُّلْطَانِ، وَجَمِيعُ أَرْبَابِ الْمَنَاصِبِ: النَّقِيبَانِ طَرَّادٌ الْعَبَّاسِيُّ، وَالْمُعَمَّرُ الْعَلَوِيُّ فِي أَصْحَابِهِمَا، وَقَاضِي الْقُضَاةِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَالشَّاشِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَجَلَسُوا فِي الْعَزَاءِ، وَبَايَعُوا، وَكَانَ لِلْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ لَمَّا بُويِعَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهْرَانِ.
ذِكْرُ قَتْلِ قَسِيمِ الدَّوْلَةِ آقْسَنْقَرَ، وَمَلْكِ تُتُشْ حَلَبَ وَالْجَزِيرَةَ وَدِيَارَ بَكْرٍ، وَأَذْرَبِيجَانَ وَهَمَذَانَ، وَالْخُطْبَةِ لَهُ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْأُولَى، قُتِلَ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ آقْسَنْقَرُ، جَدُّ مُلُوكِنَا بِالْمَوْصِلِ الْآنَ، أَوْلَادُ الشَّهِيدِ زِنْكِيِّ بْنِ آقْسَنْقَرَ.