جُبْنَقْ أَمِيرِ التُّرْكُمَانِ، وَكَانَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ عَلَى دِمَشْقَ، يُحَاصِرُ تَاجَ الدَّوْلَةِ تُتُشْ بِهَا، فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَعَادَ إِلَى حَرَّانَ وَصَالَحَ ابْنَ مُلَاعِبٍ، صَاحِبَ حِمْصَ، وَأَعْطَاهُ سَلَمِيَّةَ وَرَفَنِيَّةَ، وَبَادَرَ بِالْمَسِيرِ إِلَى حَرَّانَ، فَحَصَرَهَا، وَرَمَاهَا بِالْمَنْجَنِيقِ، فَخَرَّبَ مِنْ سُورِهَا بَدَنَةً، وَفَتَحَ الْبَلَدَ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَأَخَذَ الْقَاضِيَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ، فَصَلَبَهُمْ عَلَى السُّورِ.
ذِكْرُ وِزَارَةِ أَبِي شُجَاعٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ لِلْخَلِيفَةِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ الْخَلِيفَةُ أَبَا الْفَتْحِ ابْنَ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ مِنَ النِّيَابَةِ فِي الدِّيوَانِ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا شُجَاعٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلَعَ الْوِزَارَةِ فِي شَعْبَانَ، وَلَقَّبَهُ ظَهِيرَ الدِّينِ، وَمَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ فَأَكْثَرُوا، فَمِمَّنْ مَدَحَهُ وَهَنَّأَهُ أَبُو الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْأَبِيوَرْدِيُّ بِالْقَصِيدَةِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا:
هَا إِنَّهَا مُقَلُ الظِّبَاءِ الْعِينِ ... فَتَكَتْ بِسِرِّ فُؤَادِيَ الْمَكْنُونِ
وَمِنْهَا:
فَانْهَلَّ أَسْرَابُ الدُّمُوعِ كَأَنَّهَا ... مِنَحٌ يُتَابِعُهَا ظَهِيرُ الدِّينِ
ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي الْمَحَاسِنِ بْنِ أَبِي الرِّضَا.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، (فِي شَوَّالٍ) ، قُتِلَ سَيِّدُ الرُّؤَسَاءِ أَبُو الْمَحَاسِنِ بْنُ كَمَالِ الْمُلْكِ أَبِي الرِّضَا، وَكَانَ قَدْ قَرُبَ مِنَ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ قُرْبًا عَظِيمًا، وَكَانَ أَبُوهُ يَكْتُبُ الطُّغْرَاءَ